في الجش.. آل سنبل جامعي.. يطلق مشروعًا لتزيين الورد من ادخار بائع العطور

تتعطّلُ لغةُ “الأعمال والإدارة” لديهِ أمام جمال الورد وروعتهِ، فتصمتُ الكلمات في حرمِ جمالها وتنسيقها وتزيينها، هذا الفنّ الذي يبعدُ ببونٍ شاسعٍ عن تخصّصهِ الدراسي، ولكنّهُ يقتربُ كثيرًا من تعلّقهِ بالنباتات والأزهار البيتية، حتى اتّخذ علي نزار آل سنبل من تنسيق باقات الورد مشروعهُ الخاص إلى جانب دراستهِ في كلية الجبيل الجامعية للسنة الثانية تخصُّص “أعمال لوجستية وإدارة سلاسل إمداد”.

وبرغم النظرة السلبية لهُ من قِبل البعض في مزاولتهِ لعملهِ في مجال الورد، إلا أنّ الفئةَ الأخرى التي ترمقهُ بعيون الفخر والإعجاب والتقدير لعملهِ كشابٍ طموحٍ من أبناء بلدتهم، تدفعُ بهِ للإبداع والابتكار لهذا العالم اللامتناهي جمالًا وجاذبية وشعورًا.

الخطوة المختلفة
بدأ “آل سنبل” مشوارهُ المهني مبكرًا، لكنّ دربهُ كان مختلفًا، وخطوتهُ لم تكن للورد حينها، فقد عملَ وهو في الصف الثالث المتوسط بائعًا في مجال العطور، وبقيَ على هذا العمل لحين التحاقهِ بالجامعة، حينها قررّ إطلاق مشروعهُ الخاص في مجال “تنسيق الورد” و”تغليف الهدايا” أيضًا من ماله الخاص، الذي جمعه خلال عمله كبائع، محاولاً من خلالهما التطوّر والابتكار والولوج في مجال التزيين والتغليف بصورةٍ أكبر وأدقّ وأجمل، والعمل كذلك على صناديق المهور والشبكات، مع مزاولة عملهِ في مجال العطور.

هواية
أحبّ الورد والنباتات منذُ الصغر، فكان يزرع النباتات في بيتهم، وخصوصًا البطيخ، ويفرحهُ ثمر النباتات عندما تنتج، لكنّهُ لم يكُ حريصًا على اقتناء الورد أو التعامل معه، حتى قررّ افتتاح المشروع بتنسيق الباقات، خصوصًا أنّهُ يرى أجمل الهدايا ما كانَت أحجارًا كريمة أو عطرًا أو وردًا.

وردٌ واختيار
وعن توفير الورد واختياره، قال “آل سنبل” لـ«القطيف اليوم»: “أوفّر الورود من شركة مختصة فيها، حيثُ يأتيني مندوب الشركة وأختارُ ما أريدهُ منها، ويعتمدُ اختياري على عدة أمور، فالورد الجوري الأحمر هو أكثر أنواع الورد طلبًا؛ لذلك أحرصُ على توفيرهِ بشكلٍ أساسي، أما باقي الأنواع فتعتمدُ على ما أنوي عملهُ من باقات أو ما يثيرُ انتباهي”.

وتابعَ: “أفضلُ أنواع الورد بالنسبة لي في الباقات ورد الجوري الأحمر والأبيض، حيثُ تعجبني ألوانهما، أمّا الإضافات التي أكملُ بها جاذبية الباقة فهي نباتات الزينة مثل “الجبسو” أو “الجبسوفيليا” التي قليلًا ما نرى باقةً بدونها”.

وأكملَ: “وأستخدمُ في تنسيقي للباقات ما يختارهُ الزبون، وأعملُ على السعر الذي يحددّهُ، والمناسبة التي تحكمُ نوع الباقة أيضًا، لكنّني إذا اشتغلتُ على باقةٍ جاهزة فإنّني أتركها لمزاجي ورؤيتي، والوردُ بجمالهِ يطاوعني فيما أعمل، فكلُّ أنواعهِ جميلة، وجميعهُ يُضفي روحهُ الخاصة وجمالهُ في الباقة”.

لا تتكرر
يمسكُ “آل سنبل” بمشرطٍ ومقص؛ ويبدأ عملهُ في صنع باقات الورد المتنوعة منصتًا للقرآن الكريم في أثناء عملهِ بهدوء ورويّة، وقد تأخذُ الباقة في يديهِ ساعةً من الزمن، وأحيانًا لا تستغرقُ سوى دقائق معدودة بحسب كمية الورد وشكل الباقة، ويحوي رصيد إبداعهِ الكثير من الباقات التي حازت على إعجاب الزبائن.

ويلجأ كثيرًا لمقارنة أعمالهُ بأعمال المحترفين في هذا المجال؛ حيثُ يجدُ في هذا دافعًا لهُ نحو التميّز في عمله إن لم ترق لهُ الباقة التي أنتجها، ولكونهِ جديدًا نوعًا ما في مجال الورد، فلا يزال يتدرّب دائمًا، ويحاولُ التفكير بالطُرق التي يتميّزُ فيها بعملهِ فلا تكون مكررة كمعظم محلات الورد.

عناية خاصة
يعتني “آل سنبل” بالورد الذي يتدللّ على صاحبهِ بالعناية التي يطلبها؛ ليتمّ حفظهُ بصورةٍ جيدة، حيثُ يخبرنا بضرورة تنظيف الورد من الأوراق الزائدة وقصّه بشكل زاوية، والحرص على عدم تعرّضهُ لحرارة الشمس، وألا يصل الماء لبتلات الورد، كما يتوجّب وضع الورد في مكان بارد، وبالنسبةِ لهُ فهو يحفظُ الورد في الثلاجة على درجة 5 مئوية.

ويبين أن الورد يعيش لشهرٍ كامل دون أن يذبل إن استوت جميع الأمور بشكل مرتب كامل، وهذهِ الطريقة يستطيع الشخص أن يعتمدها في بيتهِ، كما يستطيع حفظ الورد في المنزل دون ثلاجة بمراعاة الطريقة السابقة، مع تجديد الماء كل يومين، وقصّ ساق الوردة قصة زاوية بمقدار صغير، والحرص على وضع الثلج في الماء.

قيمة
ويوضّح “آل سنبل” كيف تتحدّد قيمة الباقة قائلًا: “كل نوعٍ من الورد له سعرهُ الخاص، ولكنّنا لو تكلّمنا عن ورد الجوري المعروف بـ”الروز” وهو الأشهر والأساس في كل محلات الورد، فسعرهُ الثابت هو 5 ريالات بكل ألوانهِ، عدا الأسود والأزرق فهما أغلى سعرًا، والسعُر يتغيّر بحسب الإضافات و شغل اليد وكذلك الفازة، وبالمتوسط فسعرُ الوردة 8 ريالات مع التزيين، وكلما زادت الإضافات ارتفع السعر”.

وأردف: “أتذكّرُ أولَّ باقةٍ أنتجتُها في مشروعي، حيثُ كانت في المحل الذي تعلّمتُ فيه، وكان تنسيق الورد والألوان جيّدًا، ويعيبها التغليف فقط، أما أول باقة في مشروعي فقد أهديتُها لأختي الصغرى”.

تغليف الهدايا
زاولَ “آل سنبل” تغليف الهدايا قبل خوضهِ مجال تنسيق الورد، ومازال يستلهمُ أفكارهُ في التغليف من بعض محلات الورد التي يراها متمكنةً في هذا المجال، لكنّهُ مع استقاء الأفكار يكرهُ التقليد، ويحاولُ وضع بصمتهِ في التغليف، ويحرص على تطوير ذاتهِ وصقل مهاراتهِ، وابتكار شيء جديد من الطرق التي تعلّمها قبلًا، ودمج الورد والنباتات مع التغليف بالورق.

إمكانيات
لم يكُن يعرفُ شيئًا عن التغليف، ولكي يطوّر من مهارتهِ قررّ العمل في محل للورد والتغليف بشكلٍ مجاني بدون راتب، إلى جانب دراستهِ في الكلية والعمل في المحل، أي ثلاث دواماتٍ في اليوم، وقد تعرّف على صاحب محل “كوري الجنسية” وتعلّمَ منهُ بعض الطرق الجديدة التي تميّز فيها، ولم يرَ في أيّ محل بالقطيف مثلها.

أحجارٌ كريمة
يهتم بجانبٍ آخر استهواهُ كذلك، وهو تجارة الأحجار الكريمة، فيوفرها من مصادر مختلفة من خارج المملكة، إما أثناء سفره، أو بتوصيةِ معارفهِ حين السفر، وقد أكسبهُ هذا المجال علاقاتٍ واسعة يتطلّبها العمل في هذهِ التجارة، فأصبحَ يعرف الخبراء والمهتمين بهذا الجانب لعمرٍ طويل، وكذلك بعض الموزّعين على دول الخليج.

تاجر
يحلُم “آل سنبل” حلمًا حياتيًا ومهنيًا بأن يكونَ تاجرًا، هذا الحلم دفعهُ لتغيير تخصّصهِ في الهندسة الإلكترونية، إلى تخصص إدارة سلاسل الإمداد والأعمال اللوجستية؛ لأنه رآها الأقرب لتخصص التجارة، وشيئًا مهمًا جدًا في هذا المجال، أما في عالم الورد فحلمهُ أن يحترف صنع الباقات بشكل كامل الاحتراف.


error: المحتوي محمي