
القرامطة وبقيادة الأعصم الحسن بن أحمد يقتحمون مدينة القلزم (السويس حاليًا) ويحاصرون القاهرة بعد أن استطاع أن يقتحم دمشق ويحاصر يافا ويسيطر على الكثير من المناطق في بلاد الشام من هنا على الساحل الشرقي من شبه الجزيرة العربية تنطلق الجيوش إلى الحجاز وبلاد الشام والعراق وحتى مصر وفي عهد جوهر الصقلي وتحديدًا عام 361 – 362هـ، يذكر لنا بن الأثير أنه اجتمع معهم وخلق كثيرًا من العرب والجند والإخشيدية والكافورية فاجتمعوا بعين شمس عند مصر واجتمع عساكر جوهر وخرجوا إليهم فاقتتلوا غير مرة، والظفر في جميع تلك الأيام للقرامطة وذكر بن الأثير أن القرامطة حصروا يافا حصرًا شديدًا وضيقوا على من بها فسير جوهر من مصر نجدة إلى أصحابه المحصورين بيافا ومعهم ميرة في خمسة عشر مركباً، فأرسل القرامطة مراكبهم إليها فأخذوا مراكب جوهر ولم ينج منها غير مركبين فغنمهما مراكب الروم (ابن الأثير، الكامل ج 8 ص 326. المقريزي، اتعاظ الحنفا ج 1 ص 128).
وذكر المقريزي هذه الأحداث سنة 361هـ، حيث استطاع القرامطة اقتحام مدينة القلزم (السويس الآن) ومحاصرة القاهرة، قال المقريزي في اتعاظ الحنفا ج 1 إنه وفي مستهل شهر ربيع الأول التحم القتال مع القرامطة على باب القاهرة وكان يوم جمعة فقتل من الفريقين جماعة وأسر عدة وأصبحوا يوم السبت متكافئين وغدوا يوم الأحد للقتال فسار الحسن بن أحمد (الأعصم) وسماه المقريزي الأعسم زعيم عسكر القرامطة بجميع عسكره إلى الخندق والباب مغلق فلما زالت الشمس فتح جوهر الباب واقتتلوا قتالاً شديدًا قتل فيه خلق كثير وانهزم الأعسم ونهب سواده واخذت صناديقه وكتبه وهو في الليل على طريق القلزم ونادى جوهر في المدينة من جاء بالقرمطي أو برأسه فله ثلاثمائة ألف درهم وخمسون خلعة وخمسون سرجًا بحلى على دوابها.
وفي النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ج 3 لجمال الدين أبي المحاسن يوسف الأتابكي قال: وسار القرمطي واسمه الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام القرمطي إلى بغداد وسأل الخليفة المطيع بالله العباسي على لسان عز الدولة بختيار أن يمده بمال ورجال ويوليه الشام ومصر ليخرج المعز منها فامتنع الخليفة المطيع بالله من ذلك وقال كلهم قرامطة وعلى دين واحد وقيل إن بختيار أعطاه مالاً وسلاحًا فسار القرمطي إلى الشام ومعه أعلام سود وأظهر أن الخليفة المطيع ولاه وكتب على الأعلام اسم المطيع عبد الكريم وتحته مكتوب السادة الراجعون إلى الحق وملك القرمطي الشام ولعن المعز هذا على منبر دمشق وأباه ثم أقام القرمطي الدعوة لبني العباس وسار إلى مصر بعساكره ولما بلغ المعز مجيئه تهيأ لقتالهم فنزل القرمطي بمشتول الطواحين وحصل بينه وبين المعز مناوشات ثم تقهقر المعز ودخل القاهرة وانحصر بها إلى أن أرضى القرمطي بمال وخدعه وانخدع القرمطي وعاد إلى نحو الشام فمات بالرملة في شهر رجب وأراح الله المسلمين منه وصفا الوقت للمعز حيث إن القرمطي كان أشد عليه من جميع الناس للرعب الذي سكن في قلوب الناس منه فكانت القرامطة إذا كانوا في ألف حطموا مائة ألف وانتصفوا خذلان من الله تعالى لأمر يريده.
وفي 363هـ استطاع القرامطة دخول أرياف مصر وأطراف المحلة ونهبوا واستخرجوا الخراج ثم رجعوا إلى أعمال الشام واستطاعت سرية من القرامطة دخول الصعيد والنزول إلى أسيوط ومحاربة العمال واستخراج الأموال وثقل ذلك على المعز وعاتب أبا جعفر مسلم فاعتذر إليه ونزل الأعسم (الأعصم) القرمطي بعسكره بلبيس (بالقرب من الزقازيق شرق مصر) وتأهب المعز لمنعه ورده (المقريزي، اتعظ الحنفا ج 1 ص 150).