يخرج (سعيد) من بيت جده وفي الطريق يلتقي بصديق قديم وهو (صالح) الذي كان يدرس معه في المرحلة المتوسطة.
يسلمان على بعضهما البعض بحرارة، يتبادلان أخبار بعضهم البعض.
سعيد: أين تعمل الآن؟
صالح: في إحدى الشركات الصناعية، وأنت؟
سعيد: يبتسم… ويقول هل تذكر عندما كنا في المدرسة والمدرس يسألنا عن طموحنا في المستقبل؟
صالح: نعم أذكر ذلك… وكانت أمنيتك أن تكون مدرساً لمادة العلوم… هل أنت كذلك الآن؟
سعيد: الحمد لله تحققت أمنيتي وأصبحت مدرساً… ولكن في منطقة بعيدة… وقدمت طلبًا في حركة النقل السنوية.
صالح: ما شاء الله عليك كنت مجتهداً في دراستك… الله يوفقك لكل خير.
سعيد: شكراً لك… وأسأل الله أن يوفقك لكل خير أنت أيضاً…
وهكذا أخذ الوقت يمر وهما يتبادلان أطراف الحديث والذكريات الجميلة.
وإذا برجل يمر عليهم ويرفع يده بالتحية والسلام… رد سعيد عليه السلام.
أما صالح: تبسم في وجه الرجل رافعاً يده للأعلى ورد عليه السلام بحرارة وكلمات جميلة.
وعليكم السلام يا جاري العزيز… (مساكم الله بالخير)… كيف صحتكم؟
تفضل معنا.
ومن هذه الكلمات العذبة… حتى ذهب الرجل.
التفت (سعيد) وقال: ما شاء الله عليك يا صالح.
أهنئك على هذه الأخلاق الطيبة… لسانك عذب مع جارك.
ضحك (صالح) ضحكة ساخرة… والتفت للخلف… ثم أخذ بيد سعيد واقترب من أذنه يهمس له ويقول: أتعرف هذا الرجل؟
قال سعيد: نعم، إنه جارك أبو هاني…
صالح: أتدري يا سعيد أن هذا الرجل ولا مرة في حياتي رأيته في المسجد يصلي… بالرغم من أن المسجد جاره، الباب بالباب!
والله يا صالح… لا علم لي بذلك لأني لا آتي إلى هنا كثيراً.
صالح: أنا أعرفه… وجاره لعدة سنوات… ولم أره يذهب للصلاة في المسجد، وأنا أشك فيه!
بدت على ملامح وجه (سعيد) علامات التعجب من هذا الكلام، ثم قاطعه وقال: يا صالح أمتأكد أنت من هذا الكلام؟
صالح يضرب بيده على كتف (سعيد) ويقول: خذ الكلام مني، وهذا معروف لدى أهل هذه المنطقة، والكل يتحدث بذلك.
طأطأ (سعيد) رأسه في الأرض قليلاً ثم نظر إلى (صالح) وقال: يا صالح اسمح لي أن أقول لك أنت ومن يتحدثون عن هذا الرجل مخطئون في حقه،
نظر صالح لوجه سعيد وهو يقول: ما هذا الكلام يا سعيد؟ هذا غير صحيح!
سعيد: انظر يا صديقي هل ذهبت أنت أو أحد من جيرانه وتحدث معه واستفسر منه عن سبب عدم حضوره للمسجد؟
ربما يكون عنده عذرٌ يمنعه عن الحضور للمسجد، هل فكرت في هذا يا صالح؟
أو قد يحتاج مساعدة أو نصيحة أو تشجيع من أحد ليذهب معه للمسجد!
صالح يصمت ويستمع مستغرباً من هذا الكلام… ويقول: في الحقيقة… لا لم يحصل مثل هذا.
يكمل سعيد ويقول: حينما رأيت منك ردك للتحية عليه ظننتك تحبه وتعزه… ولم يبق منك إلا أن تذهب وتقبّل رأسه من كلامك العذب له.
وحينما ابتعد عنك، ظهر وجهك الثاني تجاهه… وأظهرت كل عيوبه… هل هذه هي الأخلاق التي تتعامل بها مع جيرانك؟
يا صالح هذا التصرف مذموم أن تكون ذا وجهين!
وأتساءل في نفسي ربما تتعامل معي بنفس الطريقة!
صالح: وكيف يا سعيد؟
سعيد: حينما نفترق عن بعضنا البعض تتحدث عني بكلام لا أرضاه عن نفسي…. إذا كانت هذه طريقتك في التعامل مع الناس فلن تجد من يقف معك أو يصاحبك…
يا صالح هل أسألك سؤالًا؟
صالح: تفضل.
سعيد: هل جارك آذى أحدٌ من جيرانه؟ هل معاملته سيئة معكم؟
صالح: الصراحة، لا.. بل هو حسن الخلق مع الناس وخاصة جيرانه.
سعيد: إذاً لقد ظلمته… ونشرت عنه إشاعة غير صحيحة… وهذا لا يجوز بحق الجار.
بينما سعيد يسترسل بالنصائح لصالح وإذا بجوال سعيد يرن… أخذ سعيد الجوال وقال: عليَ المغادرة الآن ومعذرةً يا صديقي على هذا التطفل… ولكن من باب أن معزتك كبيرة لدي أقدم لك هذه النصيحة: أن تترك عنك هذا التصرف وأن تذهب لجارك وتعتذر منه… وتسأله عن أي شيء تريد أن تعرفه عنه… بعيداً عن القيل والقال، واترك عنك البحث عن عيوب الناس.
لأن هذا يعتبر نفاقًا، وغيبة ونميمة أيضاً.
وأكرر اعتذاري يا (صالح) عن هذا الكلام، ولكن الحق يقال وإن لم يعجبك.
ودع سعيد صديقه صالح… وهو يتساءل في نفسه هل سيؤثر هذا الكلام في نفسه ويتغير عن هذا الطبع؟
نتمنى ذلك له ولأمثاله في المجتمع.