من البحاري.. آل حماد جذبته الكاميرا فحاول شراءها بملصقات «سن توب».. وتعلم التصوير في أروقة الإنترنت

سحرته الكاميرا رغم جهله بها، فهو كطفل لم يكن يعرف عنها إلا أنها آلة تعكس اللحظات في صور مطبوعة، رغم ذلك قرر أن يمتلك ساحرته، ولكن من أين له ثمنها وعمره لم يتعدَ العاشرة؟!

يقول الفنان الفوتوغرافي منير محمد آل حماد: “كنت مهتمًا جدًا بتجميع صور السن توب، لأشارك في المسابقة، طمعًا في الحصول على كاميرا، لأعيد الكرة مرارًا، ولم أوفق إلا بالحصول على لعبة الغواصة، ولكنها لا تمارس الغوص”.

عالم مغاير
تُدهشك اللحظة المغايرة التي تعتقد حينها أنك وصلت إلى مُبتغاك، لتجد أن الأمر جاء في زاويته القريبة الأفق، وأن ثمة طريقًا مغايرًا هو الأكبر اتساعًا.

بهذه الكلمات يصف “آل حماد” تجواله في عالم الصورة، منذ عشقه، تمشط خطواته السنون الأولى، مولعًا بالكاميرا منذ صغره، وهو على مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية، تولدت في ذاته استفهامات كثيرة عن الكاميرا، عن ماهيتها، طريقة عملها، ملامح الصورة وظلها، كيف تأتي.

يقول: “إن الكاميرا الفورية كانت بالنسبة لي تمثل لغزًا، بأنها كنت تصور وتخرج النتيجة في نفس الوقت”.

وذكر أنه دخل عالم التصوير منذ سفره للدراسة في أستراليا عام ٢٠٠٥م، ملتحقًا بجامعة سيدني، في تخصص الإدارة الصحية، حينها كان يستخدم الهاتف المحمول من نوع السوني اركسون، ثم الكاميرا المدمجة، وهي كانون باور شوت – غير الاحترافية – لتوثيق اللحظات وإرسالها للأهل، قبل تطور قنوات التواصل الاجتماعية.

وأشار إلى أنه بعدها في عام ٢٠٠٨، دخل عالم التصوير الحقيقي، الذي غير مفهومه الكلاسيكي للتصوير من توثيق اللحظات، إلى عالم فني مغاير، مقتنيًا كاميرا نيكون D60 البسيطة، التي تمثل بداية المشوار.

وبين أن الدراسة في الخارج لها دور في دخوله عالم التصوير، منوهًا إلى أن بلدًا مثل أستراليا يشجع المصور على التصوير، لكثرة المواضيع والطبيعة الخلابة والمباني التي تتشح بالجمال المعماري والتراكيب الجمالية.

وأضاف: “إن الأهل والأصدقاء يسألون عن طبيعة أستراليا، لذا أقوم بتصوير الأماكن التي أزورها لهم، وهذا أعطاني الحافز في البداية، لأغرق بعدها في عالم الصورة”.

قطرة وملهم
يؤمن “آل حماد” المنحدر من بلدة البحاري بأن كل شيء يمكن الاستفادة منه، التي تجعله مُستغرقًا في البحث من خلال عالم الإنترنت، يستقي منه كل ما يخص عالم التصوير، كذلك يأخذ ما يراه يميز هذا الفنان، أو تلك الفنانة، ليكون خيطًا يتبعه ويتعلم منه ما وراء الأبجدية.

وعن سؤالنا حول كيفية تعلمه أبجديات التصوير؟ يجيب: “بكل صراحة، كان ولا يزال عالم الإنترنت له دور في تعلم أبجديات التصوير الفوتوغرافي، خاصة المنتديات بالسابق، التي كانت تعتبر ملاذًا للمبتدئين أمثالي، من مشاركة الأعمال، وتبادل الآراء والنقد البناء، والورش المتنوعة والمسابقات”.

وتابع: “مثل منتدى جماعة التصوير الضوئي بالقطيف، الذي منه تعرفت على أغلب أصدقاء الضوء، والتحقت بدورة واحدة فقط، مع الفنان يوسف المسعود، وكانت الدورة مهتمة بأسرار الإضاءة، مما كان له أثر طيب في إثراء مفاهيم الضوء لدي، وحاليًا أعتمد على التعليم الذاتي”.

ويُوضح: “لم يكن ولن يكون لدي فنان ملهم واحد، لدي عدة فنانين، لأني أرى كل فنان ملهم، لديهم ميزة تُلهمني، وبأنه أخذ من كل بستان قطرة من الإلهام”.

ولفت إلى أنه انضم لجماعة التصوير الضوئي بالقطيف عام ٢٠١٠م، عن بعد، في فترة دراسته في أستراليا، وكان ذلك لغرض المشاركة في المعرض السنوي، حينها كان مُشرفًا في منتدى الجماعة للعام ٢٠١٢م، وبعدها توقف عن التصوير، والنشاط الفوتوغرافي، بسبب ظروف العمل وعوامل أخرى، ليُعاود الانضمام للجماعة عام ٢٠١٧م.

وأفاد: “العودة لأحضان الجماعة، جاء أثرها إيجابيًا في حياتي الفنية، من خلال الالتحاق في نشاطات فوتوغرافية معرفية تثقيفية، كالمحاضرات والندوات، التي تقام تحت مظلتها”.

ونوه إلى أن نجاحًا آخر معرض للجماعة كان له صدى واسع، وأنه حاليًا مشارك في اللجنة الإعلامية الخاصة بها.

صعوبة واستمرار
وذكر أن أبرز الصعوبات في دنياه الفنية، كانت التعلم على الكاميرا، واختيار المواضيع لكثرتها، وتشتته بين اللاند سكيب والتصوير العشوائي، لما نتج عنه تشتت في التطبيق، واستخدام قوانين التكوين وفهمها.

وقال: “تغلبت عليها بالاطلاع، ومتابعة الدروس من المنتديات ويوتيوب، كذلك التجريب، ومحاولة نقد أعمالي بنفسي، وعدم التسرع في تصوير اللقطة”.

وأكد أن طموحاته لم يتم معانقتها بكونه لا يزال في بداية الطريق، ويرى الطريق طويلًا، مشيرًا إلى أن الأهم هو الاستمرار، وتطوير المستوى، والتجارب لا تزال عبر عدسته، لم تركن، فإنها مستمرة.

وأوضح أن الوصول إلى القمة إلى معانقة الغيمة الزرقاء من الإبداع والتميز، يأتي بأن تبدأ وتتكلل من خلال الاستمرار والاجتهاد وتبني ثقافة المحاولة.

وأكد أن التوثيق مهم جدًا للكل، ويأتي تخليدًا تاريخًا، ونحتاج التوجه إليه، ويتابع: “بالنسبة للمباني في القطيف، لا نملك مباني حديثة ذات تصميم مميز”.

اللقطة والتوثيق
يقول: “إن النجاح يعتمد على فلسفته في ذهنك، وكيف تراه أنت، وما هي ثقافتك اتجاهه، وكيف تُبصره”.

من هنا، يُدخلنا “آل حماد” إلى رؤيته في التقاط الصورة، موضحًا أنه يُعلن عن ولادة اللقطة الفنية، إذا اكتملت فيها عوامل التكوين المناسبة للموضوع، والإضاءة والزاوية المميزة، لكادر التصوير، هذا ما يخص مجاله في تصوير المعمار والمباني.

وتابع: “لكن هناك مجالات أخرى في التصوير، تكون فيها ولادة اللقطة الفنية، تُساعدها عوامل مختلفة، كاللحظة الحاسمة والعاطفة، خاصة في تصوير حياة الناس، والوجوه، وبعض الأحيان تكون المعالجة العامل الحاسم للقطة الفنية”.

وذكر أنه في بعض الأحيان تكون فكرة العمل عفوية، وتعتمد على طبيعة الموضوع، وجاذبيته، مثلًا؛ المعماري والمباني وتصميمه، قد تكون مخططة في عقله، لاعتماده على التغذية البصرية الفعالة، والتدريب على التكوين، وقليلًا ما يلجأ لصناعة المشهد – حسب قوله.

وبين أن التصوير المعماري والمباني له أهداف عدة منها؛ توثيق المباني، أو المعماري لفترة زمنية محددة، وهذا بحد ذاته مهم، مما يحمل مدلولات تاريخية مهمة للمنطقة، مثال على ذلك مشروع “ذاكرة جصية” للفنان محمد الخراري وتوثيقه المميز.

وتابع: “هدف فني بحت لإبراز جمال تصميم المباني بطريقة فنية مختلفة، يقدمها الفنان للمتلقي، وربما تختلف عن الواقع، كاستخدام التأطير، لإبراز جمال المسجد، وهناك هدف تجاري، لإبراز منشأة أو مبنى تجاري أو غيره، من غير المساس بلون المكان، أو شكله، وإبراز موقعه التجاري”.

وعن الأماكن التي صورها، ذكر: “أستراليا وتحديدًا مدينة سيدني وملبورن وبيرث، والمملكة العربية السعودية، في الدمام والخبر وجدة، ومسقط عمان، والمنامة في مملكة البحرين”، متمنيًا زيارة مبانٍ مميزة لدول مختلفة، خاصة في أوروبا، لما تمتلكه من مبانٍ مميزة.

من ضفة جمالية أخرى، عرف التصوير التجريدي بأنه محور فني حر، منشق من التجريد التشكيلي في بداية العصر الحديث، ويهتم بإبراز أشكال هندسية وخطوط، أنماط وعناصر مختلفة مما حولنا، وتحريرها لعمل فني من غير الاهتمام بأصل الشيء المجرد منه ولا يمت للواقع بصلة.

ومثل عليه بمثال واقعي من حولنا، وقال: “نبات الذرة، يتكون من حبيبات، كونت لنا نمطًا، فمنه يمكننا عمل اقتطاع لإبراز النمط المتكون من حبات الذرة، وبهذا تكون التجديد، كمثال بسيط”.

نجاح وهاتف محمول
وفي نهاية ألوان مبانيه وظلالها، بين “آل حماد” أن نجاح الصورة يأتي عبر الخروج عن المألوف، والتفكير خارج الصندوق.

وأفاد بأن الخروج من الصندوق، يحتاج إلى عدم نسخ وتكرار الفكرة، والتدريب على أسلوبه الخاص، من معالجة واختيار الموضوع، كالنظر للفكرة بطريقة مغايرة، أو قلبها رأسًا على عقب.

وعن سؤال التغذية البصرية، ومعالجة الصورة، أين تكمن الأهمية؟ يجيب: “إن التغذية البصرية لها فاعليتها الكبيرة، ويراها لا تعتمد على الصورة من نواحٍ فنية وعاطفية في بعض الأحيان”، مشددًا على التعلم من التغذية البصرية من خلال تحليلها، محذرًا من التغذية السلبية التي تكمن فقط في نسخ الصورة.

وأضاف: “إن المعالجة تجيء مكملًا للصورة، وهي ذوقية، تختلف من شخص إلى آخر”، لافتًا إلى أن بعض المحاور غير مسموح فيها بمعالجة الصورة، كالتصوير الصحفي مثالًا.

وأشار إلى أنه حاليًا يهتم كثيرًا باستخدام الهاتف المحمول بشكل يفوق استخدامه الكاميرا الاحترافية، التي لا غنى له عنها، بكونه يسهل التنقل به، ويتميز بتطوره تقنيًا.

وقال: “الآن، أقوم بالتصوير بالهاتف المحمول أكثر، لكن لم أترك التصوير بالكاميرا”، داعيًا إلى إقامة معارض فوتوغرافية، لصور الهاتف المحمول، مع مراعاة الأبعاد وحجم الأعمال.

تصوير بالكاميرا الاحترافية

تصوير الكاميرا المدمجة

المصور آل حماد


error: المحتوي محمي