في ضيافة الخنيزي.. بدر المصطفى: «الإيمان» ليست ربحية.. وعوائدها توزع على 10 «خيريات» في المنطقة

فصّل الدكتور بدر المصطفى الأسبابَ التي جعلت من حملة الإيمان الوجهة الفضلى لأداء فريضة الحج، دون انتقاصٍ من قوافل الحج الأخرى، ومنها؛ البُعد الخَدَمي الذي يرقى لدورة الجودة الكاملة في كل خدمةٍ من الخدمات التي تسعى الحملة لأن تصل بها لـ 360 درجة، إضافةً لسعيها لإرضاء الحاج ما أمكن.

وتابع “المصطفى”: “كذلك الخطوط الحمراء التي تضعُها الحملة ليس للأدبيات فحسب، بل والعقديات أيضًا، وتوفير المرجعية لكل الفئات، حتى للمنضمّين للحملة من خارج المذهب الإمامي، إضافةً للبُعد القيمي المتمثّل في رؤية الإيمان التطوعية في الخدمة والمشاركة المجتمعية”.

وأردف: ‘لو كان السبب فقط حرص الإيمان والتزامها لكفى، ولكن لهذهِ الأسباب جميعها، فإنّ الالتحاق بالإيمان لهُ قيم كثيرة، أكبر من القيمة الخدمية المجرّدة”.

وذكرَ “المصطفى”، خلال استضافتهِ على منصة المدرب محمد الخنيزي في قناتهِ على “إنستجرام” في حوار “30 عامًا من العطاء”، أنّ فكرة حملة الإيمان انبثقت قبل 30 عامًا، وجاءت في الفترة التي كان العمل التطوعي فيها غير منظّم وفوضويًا، وكان مقتصرًا على جهاتٍ محدودة، فالجمعيات الخيرية لم تكن جاذبة بإدارتها وشخصياتها، وخدمات الحج كانت مرادفة للعفوية في الإدارة دون تنظيمٍ مسبق وتخطيط.

وأشار إلى أنه كان يرادفها أيضًا صعوبة الالتزام، والاعتذارات بأقل عذرٍ موجود، وذلك يرجع في المقام الأول لفردية الخدمة القائمة على شخص واحد قائم بأغلب الخدمات إن لم يكن جميعها، إضافةً لعفوية تقديم الخدمة.

مجموعة تطوعية
وأوضح “المصطفى” أنّ حملة الإيمان حينها كانت قائمة على مجموعة تطوعية تخدمُ في المجتمع لا سيما المساجد، كمسجد الشيخ فرج العمران رحمه الله، وكان غالبية المجموعة من المتعلّمين والمساهمين بخدماتٍ كثيرة مجتمعية؛ كالتوعوية لطلاب المدارس والدروس الخصوصية والاهتمام بالمساجد، إضافةً لخدمة الحجاج، مشيرًا إلى أنّ أغلب الكوادر في خدمة الحجيج كانوا متذمّرين من خدمتهم.

وأكمل: “فتخمّرت فكرة الحملة لأكثر من عام، واستدعى ذلك تكاتف بعض أفراد المجموعة المترابطة وغالبيتهم من المتعلمين والمثقفين والعاملين والمعتادين بتجاربهم على الخدمات التطوعية في المساجد، وتمّ عقد النية على انبثاق فكرة حملة الحج وذلك عام 1411ھ، لتكون أول انطلاقة لحملة للإيمان عام 1412ھ، حيثُ سبقها عامٌ كامل من الاستعدادات والتخطيطات”.

الرؤية
وبيّنَ “المصطفى الرؤية” لحملة الإيمان المتركزة على تقديم خدمات نوعية تشكّل أنموذجًا متميّزًا يُحتذى بهِ وبخدماتهِ من قوافل الحجاج الأخرى، والإيعاز لقوافل أخرى بالظهور، وكذلك تهيئة بيئة جيدة للتعارف وصقل المهارات، وهذهِ الرؤية انبثقت من دافعية تكوين حملة الإيمان بوجودِ فكرٍ إداري متمكّن، وكادر متميّز علميًا، في الفترة التي كان اعتماد الحملات على كوادر بسيطة التعليم.

وأردف: “استطاعت الإيمان بهذهِ الرؤية الاستمرارية لثلاثة عقود من الزمن، فالاعتماد على المجموعة المثقفة ككوادر للإيمان، كان يتطلّب نظرة أخرى وأكثر ديمومة من شرف وعلّو خدمة حجاج بيت الله الحرام، ممّا استدعى تغذيتها بالرؤية الخاصة للحملة، إضافةً لاستثمار بيئة الحج في الخدمة المدنية من القيام بالأنشطة المتنوعة من التعليم التي كانت المجموعة تمارسها في غير موسم الحج؛ لتحقيق مبدأ” تعارفوا” الإسلامي”.

كوادر محلية
وأفصحَ عن التزام الإيمان بكوادر من المجتمع المحلي من الموظفين والخدم بناءً على رؤيتها، ممّا تطلّب تكلفةً كبيرة، وصعوبةً إدارية، ليس فقط في النقل وتوفير المسكن والمأكل، بل في التأهيل الإداري أيضًا والتقبّل الخدمي، فهناك حواجز نفسية كبيرة تجاه هذهِ المسألة.

وقالَ إنّ رؤية الحملة ارتأت القيام على مبدأ التطوع منذُ نشأتها؛ لأنّ غياب العمل التطوعي للقائمين عليها وعلى أصحاب القرار سيؤثر يومًا ما على تلك الرؤية بإرادة أو لا، وسيؤثر على أمورٍ أخرى، على الرغم من وجود أصوات من نفس الكوادر بأنّ وجود العمل اللا تطوعي الجزئي قد يحلّ بعض الإشكالات الرأس مالية كتوفير بعض العائد المالي للحملة.

ونوّهَ إلى بقاء الإيمان على مبدأها في كونها حملة غير ربحية للعاملين فيها من شريحة أصحاب القرار والإداريين المسؤولين والمؤثرين، إضافةً للموظفين التنفيذيين الذين يمثلون ربع الكادر، وهؤلاء وظيفتهم محدودية بوقت الحج، ويستلمون أجور لخدمتهم وتمّ استقطابهم لسدّ حاجة أو تعليم حرفة.

أرباح
وأضاف أنّ الأرباح قليلة جدًا ومحدودة وتصبّ في مصبّين رئيسين هما؛ الاحتياطي اليسير للإيمان الذي يسمح لهُ بتشغيلها في حال مرورها بضائقةٍ ما دون حاجةٍ منها للحجاج، والجزء الآخر المتبقي يوزّع على عشر جمعيات خيرية في المنطقة بتفاوتٍ بينها، ولذلك فالمال الذي يدفعهُ الحاج له أبعادُه التي تعودُ لثواب حجّهِ، وأبعادٌ أخرى في دعم العمل التطوعي في هذهِ المنشأة، وبعدٌ آخر يتمثّل بما تستثمرهُ الجمعيات الخيرية بالأموال للفقراء والمحتاجين التي تشكّل صدقة جارية له.

عقبة كبرى
وتحدّث “المصطفى” عن العقبة الكبرى التي واجهت الإيمان، والتي تمثّلت باستقطاب الكوادر من المتطوعين الذين يفهمون الرؤية والرسالة والهدفية ويتحملون هذهِ المسؤولية ويستمرون فيها، مع تنوّع هذهِ الكوادر ما بين الكوادر التنظيرية المفكرة، والكوادر القيادية الميدانية، والمكتبية، والكوادر المنجزة في شتى الإنجازات.

وأكد أنّ الحملة استطاعت توفير ذلك كله، بوجود أعمدة قيادية لديها شكّلت روافد لهذهِ الكوادر، واستطاعت أن تكون الجامعة الحاضنة لها، أمثال السيد منير الخباز، والشيخ حسين المصطفى، اللذين كانا رافدين لاستقطاب الكوادر بتأثيرهما الديني والعاطفي والإرشادي، إضافةً لوجود اللائحة المكتوبة ممّا جعل الإيمان تعمل عملاً مؤسساتيًا ناجحًا.

عقبات أخرى
وكشفَ أهم العقبات التي تعرّضت لها الإيمان في نشأتها، وهو وجود الغطاء الرسمي لها، ممّا اضطرها في بداية تأسيسها للسعي لجذب الحملات المصرّحة والانخراط معها، ولكنّ اختلاف الرؤية أبعد التوافق معها، ممّا اضطرهم بعد ذلك للعمل على إنشاء ترخيص خاص بها، منوّهًا بسعادتهِ في إقرار لائحة المجتمع المدني المتوقع تنفيذها خلال الأشهر القادمة، وأردف: “ستكون هذهِ باكورة لمثل هذهِ المبادرات بوجود غطاءين رسميين هما الغطاء الرسمي الخدمي والغطاء التطوعي”.

مبادرات
وعدّد “المصطفى” مبادرات كوادر الإيمان التي لا تقتصر على خدمة الحجاج فقط، بل تمتد لمنابع أخرى هيأها مناخ الحج والالتقاء بالحجاج ومنها؛ العمل على تصحيح مسارات جمعيات خيرية كثيرة، وتطعيم بعض هذهِ الجمعيات بكوادر الإيمان أمثال عباس الشماسي وعباس الزاير، إضافةً للعمل على باكورة الزواج الجماعي وعلى رأسهم المرحوم عبد الجليل إسماعيل، والعمل كذلك على تحسين مغاسل الموتى والاهتمام بالمقابر.

العمرة الرجبية
وأفصحَ عن استعداد الحملة لسماع الآراء والمقترحات الخاصة بتسيير حملات العمرة الرجبية، طالما كانت الآراء والأفكار متماشية مع أهداف ورؤية الحملة، على ألا يؤثر ذلك على الحج البتة.

الجائحة
وأكدّ حرص الإيمان على عقد الاجتماعات المكثفة، وتوعية كوادرها وحجاجها بالجائحة واتباع تعليمات وزارة الصحة، واستضافة المهنيين فيها لأجل ذلك، وتداول الوضع الإداري والمستقبلي منذُ بدء الجائحة وقبل وصولهِ للمملكة وانتشارهِ في الصين وحسب، وحرص الحملة كذلك على التريّث في إنجاز العقود مع التخوّف من إنجازها، منوهًا بالدعامة التقنية الهائلة للإيمان المتطوّرة في كلّ عام، حيثُ لم تكن الاجتماعات غير المباشرة غريبة عليها.

وشدّد على حرص الحملة على عقد اللقاءات المكثفة بكوادرها وحجاجها لأجل ارتباطهم بالإيمان كمنشأة، وارتباطهم بمفهوم الحج، وتوفير الوسائل التقنية للاجتماعات، والاطلاع على المتغيرات، وأخذ الآراء، واتخاذ القرار.

خطط بديلة
وذكرَ أنّ الإيمان تضع الخطط البديلة لمواجهة السقطات غير المتوقعة، واستحضار الحيثيات التي نجحت فيها تجارب وخطط سابقة، والتحسُّب بهذهِ الخطط البديلة لأي حدثٍ طارئ حتى ولو كان الطارئ طبيعيًا كالمناخ المتقلّب، فالمسؤولون فيها متأهبون دائمًا، ويستقرؤون قدرة كوادرها لمقدرتهم وتعاملهم مع الأزمات.



error: المحتوي محمي