بوصلة القيم الشخصية  

ثمة فرق بين أن تعيش حياتك بمعنى أن “تتنفس” وأن تعيش حياتك بمعنى أن “تحيا”!
عندما ينظر الإنسان ويتأمل واقع البشر وما يحصل حوله من تطورات على جميع الأصعدة من تكنولوجيا وفلسفة وغيرها يلحظ أن كل شيء راجع للفكر وهو الذي يحكم في الغالب، إحدى الصفات المشتركة عند أولئك الناجحين عند قراءة سيرتهم الذاتية أنهم يعرفون جيدًا من هم! كما يمتلكون الوعي العميق بذواتهم ودوافعهم فيتحركون بسلاسة في الحياة، بينما يسير العاديون في الحياة متخبطين في دروب غير واضحة المعالم مما يفقدهم القدرة على التحقيق والإنجاز وعندما ننطلق من الفكر فمن الأولى أن نتعرف على ما يقود ذلك الفكر!

إنها القيم الشخصية التي تمثل أهم أولويات الإنسان الداخلية التي توجهه عند اتخاذ القرارات والاختيارات في كل جوانب حياته المختلفة، حياتنا أنا وأنت مثل السيارة تقاد من الداخل فقيمنا الداخلية هي التي صنعت ما نحن عليه الآن فكل أفعالنا وتصرفاتنا تحت سيطرة تلك القيم الدفينة، بالتالي كلما كنت واضحا تجاه قيمك محددًا لها كلما كانت تحركاتك أكثر فاعلية وإنجازاتك أسرع تحقيقا.

من المفردات الأخلاقية التي ندعو لها ونعتبرها مهمة بالنسبة لنا ولغيرنا قيم الصدق، والأمانة، والعطاء، والإخلاص، والعفة، والخلوة مع الذات والاحترام وغيرها الكثير فإن لهذه القيم مراتب ودرجات تكون مرتبة على هيئة هرم لتشكل خارطة القيم للإنسان، حيث تمثل قمة الهرم أهم القيم بالنسبة له تليها القيم الأقل أهمية ثم الأقل؛ تلك المتواجدة عند قاعدة ذاك الهرم، فأحيانًا قد تتغير مواقع تلك القيم صعودًا وهبوطًا في برهة من الزمن عند الفرد محدثة غربلة كاملة في طريقة تفكيره مما يؤدي لتغير خارطة العالم في الذهن تبعًا لذلك حيث تتسع وتضيق حدود العالم حسب نوع التغيير في سلم ذلك الهرم.

على سبيل المثال:
الصدق قيمة والصداقة قيمة ولكن أيهما أعلى مرتبة في سلم القيم بالنسبة لك؟ بمعنى آخر هل تضحي بالصديق في سبيل الصدق أم تكذب لأجل الصداقة فذلك يعتمد على موقع كل من القيمتين بعضهما البعض من حيث الأهمية بالنسبة لك.
والآن دعني أسألك عزيزي القارئ:
ما الأهم بالنسبة لك في حياتك؟ ما الأشياء التي تمنحها أهمية هل العائلة؟ هل النجاح؟ هل السلام الداخلي؟ هل الاستقرار؟
أيًا كانت إجابتك فهذه هي قيمك قاعدة تحركك العميقة ومنطلق سلوكياتك الأساسي إن القيمة وصف غير مادي وشيء غير ملموس.

أقوى 3 أسئلة لمعرفة قيمك:
1/ فكر في آخر قراراتك المهمة (ما المعايير العامة التي قادتك لاتخاذ كل قرار)؟
2/ فكر في روتينك وسلوكياتك اليومية (ما المعايير العامة التي توجههك)؟
3/ ما أهم خمس أولويات في حياتك (على مدار الخمس سنوات الماضية)؟
كما يمكنك معرفة واستنباط قيم الآخرين عن طريق ملاحظة سلوكياتهم وكلامهم وكذلك عن طريق توجيه أسئلة معينة لهم، ومعرفة قيم الآخرين مما يجعل من اليسير التعامل معهم كما يمكنك التنبؤ بردات فعلهم وتكون لغة التواصل سهلة ومريحة وبعيدة عن التشنجات
إن أسعد أناس في عالمنا اليوم هم من يعيشون في توافق وانسجام مع قيمهم الداخلية بينما الأتعس على الإطلاق من يخونها لأنه سيكون مفتقدًا لذلك الرضا الداخلي بالتالي عيش قيمك هو الطريق الأمثل للثقة بالنفس واحترام الذات وتحقيق إنجازات عظيمة.

تذكر دائمًا أن سلوك الإنسان ينبع من قراراته وقراراته تنبع من قيمه وبالتالي إذا أردنا أن نعيد النظر في سلوكنا وتصرفاتنا نحتاج إلى إعادة ترتيب قيمنا لأن أكبر وأعظم تغيير هو الذي يكون على مستوى المبادئ والقيم.


error: المحتوي محمي