نمت كبذرةٍ صغيرة، تخربشُ بيدي طفلة خربشاتها على الورق، لترسم لوحة سرعان ما تمزقها؛ وترسمَ من جديد، وتعيد الكرّة مرة أخرى آملةً أن تبدو اللوحة أجمل إن أعادت تفاصيلَها أو أضافت لها تفاصيلَ أخرى، ولفترةٍ من الوقت اعتقدت بأنّ الرسم هو عالمُها الصغير، الذي سيكبرُ معها ليملآن الحياة صورًا ولوحات محترفة.
لكنّها حينَما بلغت العاشرة من عمرها، اتجهت اتجاهًا فنيًا آخر، فقد وجدت كوثر رضي آل خاتم، في الخطِّ والزخرفة ميلًا جديدًا انجذبت لهُ نفسها بصورةٍ بدت مختلفةً عن الرسم، فبدأ مشروع خطاطة صغيرة يخرج للوجود بشهادةِ من حولها من عائلتها وأهلها ومعلماتها.
هواية الطفولة
مارست “آل خاتم”، ابنة تاروت، هواية الرسم منذُ أن كانت صغيرة، ولكنَّ تلك الموهبة خفت ضوؤها في داخلها بعد ذلك، وإن مارستها بين فترةٍ وأخرى، بعد أن برزَ برعمُ هوايةٍ جديدةٍ بداخلها، وهي هواية الخطّ والزخرفة، حتى غدت تمارسُها بإتقان، فقد استهوتهَا تلك الهوايةُ منذُ أن كانت طالبة في الصف الخامس الابتدائي.
وأنتجت أولَّ لوحةٍ لها في الخطّ حين كانت في الصف الخامس، فقد شجّعتها مادة التربية الفنية المعلمة كريمة المسيري على إبراز موهبتها وتغذيتها، ويومًا تلاهُ يوم، تمخّضت تجاربُها عن العديد من اللوحات التي سكبت فيها حبر شغفها بالخطّ العربي بأنواعهِ المتعددة.
دعامة
وجدت كوثر في دعم والديها بعد توفيق الله تعالى، دعامةً حقيقية ثابتة لبناء موهبتها في الخط والزخرفة الإسلامية، اللذيْن بذلا جهدًا كبيرًا في توفير كلّ ما تحتاجُ إليه.
كما كان لاحتضان معلمتها لمادة التربية الفنية لموهبتها في المرحلة الابتدائية المعلمة كريمة المسيري دور كبير في تعزيز ثقتها بنفسها، إضافةً لرائدة النشاط الطلابي في المرحلة الابتدائية عليا الضامن، واهتمام المعلمة سهير الداوود، من لجنة التحكيم، والتي كانت تولي عنايتها بالمتأهلات وتجيب عن استفساراتهن، بالإضافة لمشرفة النشاط الطلابي شريفة البارقي.
مشاركات وانتصارات
شاركت “آل خاتم” الطالبة بالصف الثاني المتوسط في المدرسة المتوسطة الثامنة بالقطيف في العديد من مسابقات الخط التابعة لقسم النشاط، وأحرزت العديدَ من المراكز فيها، فقد اشتركت للمرة الأولى بالصف الخامس الابتدائي، واستطاعت إنجاز اللوحة دون تنبّهَ منها للمقاس المطلوب للوحة من قبل القسم، ممّا ترتّبَ عليهِ استبعاد لوحتها من المسابقة.
تلتها مشاركة أخرى للمرة الثانية في الصف السادس الابتدائي، حيثُ تأهلت للتصفيات النهائية في مكة المكرمة، وذلك في المسار العلمي في منافسات “أولمبياد الخط العربي والزخرفة الإسلامية”، واستطاعت إحراز المركز الثاني في الفئة الفضية لعام 1438ھ – 1439ھ.
وأعقبتها مشاركة أخرى للسنة الثالثة بعد انتقالها للصف الأول المتوسط، حيثُ شاركت وتأهّلت، وتمّ استبعادها لاحقًا مرة أخرى بسبب مشاركتها وفوزها في العام السابق.
الخوارزمي الصغير
وعن فوزها هذا العام في “أولمبياد الخط العربي والزخرفة”، تحدّثت “آل خاتم” لـ«القطيف اليوم» قائلةً: “شاركتُ في المسابقة الوطنية للخوارزمي الصغير مرتين، أولاهما عام 1439ھ، وثانيهما عام 1440ھ، حيثُ حققتُ المركز الأول على مستوى المملكة لِكلا العامين، ولله الحمد”.
وأضافت: “أمّا عن دخولي لمسابقة “أولمبياد الخط العربي والزخرفة الإسلامية” في دورتهِ الخامسة هذا العام، فلم أشأ الاشتراك فيها بسبب ما حصل معي العام السابق، لكنّ والدتي وأهلي شجعوني على خوض المغامرة من جديد وعدم الاستسلام، حيثُ استطعتُ إحراز المركز الأول في الفئة الذهبية في مجال “مصابيح الهدى” لمدارس البنات بالمرحلة المتوسطة لعام 1440ھ”.
تغذية بصرية
تغذّي “آل خاتم” موهبتها بهذا الفن بالمطالعة والتدريب المستمر، فالتغذية البصرية والمِران يدفعان بها نحو التطوّر والإتقان، وقد كانت تجربتها في الأولمبياد الوطني السنوي للخط والزخرفة الإسلامية تجربةً ممتعة علّمتها الكثير، وزادت من مهاراتها في فنون الخط، رغم الصعوبة التي أولدها الرفض المسبق لها في تجربة سابقة، إلا أنها استطاعت أن تثبتَ جدارتها واستحقاقها للمشاركة.
لوحة المسابقة
شاركت بلوحة كتبت عليها “عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله عنها”، مستخدمةً ورقًا مقهّرًا لإنشاء لوحتها، بمقاس 40×40، وقلم التخطيط الأسود، وقد تمكّنت من إنجاز لوحتها خلال يومين متتاليين.
سحابة حلم
ساهمت فترة الجائحة في توفير الوقت اللازم والملائم لتغذية ميولها ومهارتها في هذا الفن، ممّا ساعدها على تطوير وتحسين مهاراتها.
وتمرّ سحابة حلم بصورةٍ متكرّرة في سماء “آل خاتم” تسعى لتحقيقه، بأن تكون إحدى أشهر خطاطات العرب، وتحصل على العديد من الجوائز العالمية في هذا المجال، ولذلك فهي تحرص من الآن على الرقي بذاتها وموهبتها بالتدريب المُستمر والجاد.