أمسكت بالكاميرا كـ”لعبة”، تلتقط صورًا لا تعرف الاحترافية حينها، لتجد نفسها بعد ذلك وسط “صخب الأعراس”، والتقاط ذكراها، وفي تحول آخر ما عادت الفوتوغرافية علا الضامن مرتبطة بأجواء الفرح تلك، بعد أن وجهت عدستها باتجاه الأطباق، لتمتهن تصوير الأطعمة.
فوتوشوب
بدأت الضامن دخول عالم التصوير في المرحلة المتوسطة قبل ٢٠ عامًا تقريبًا، عندما اشترى أخوها محمد الضامن “كمبيوتر مكتبي”، وكان يحتوي على برنامج فوتوشوب، فشاهدت فيه بعض أعمال صديقه بالبرنامج، وحول ذلك تقول: “أبهرني حينها ما يمكن فعله بالفوتوشوب، رغم أن هذه الأشياء تعد بسيطة مقارنة بما نستطيع عمله الآن بهذا البرنامج”.
وأضافت: “بدأت التعلم عليه، وإذا استصعب شيء ما، كنت أقوم بسؤال أخي، وهو بدوره يسأل صديقه، الخبير في البرنامج وقتها”، منوهةً بأن ما سهل عملية التعلم على البرنامج أنه كان باللغة العربية، لذا استطاعت أن تجرب الكثير من الأشياء دون كثرة السؤال، حيث إن تكرار استفسارها كان يسبب لها إحراجًا.
ديجيتال وكتاب
لم تقف قصة ابنة القطيف عند جهاز الكمبيوتر، فبعد مدة قصيرة اشترى أخوها كاميرا “ديجيتال” بسيطة المهام، وكانت أول كاميرا تنتشر نوعًا ما في المنطقة، فكانت صغيرة الحجم تقريبًا بحجم الكف، كما أن شكلها كان كاللعبة ولا تحتوي على ذاكرة، فقط تخزن في حدود ٢٠ أو ٣٠ صورة.
وتعود بذاكرتها: “من هنا بدأت بتصوير بنات أختي، ومن ثم كنت أقوم بتنزيل الصور على الكمبيوتر، لأبدأ تعديلها بالفوتوشوب، وكنت أفعل ذلك كلعبة”، مضيفةً: “بعد كل هذه السنوات اكتشفت الآن أن أخي له الفضل الكبير في اكتشاف موهبتي”.
وتوضح أنها أشبعت معلوماتها بكتاب ابتاعته من مكتبة جرير، سعيًا إلى تعلم الفوتوشوب من خلال القراءة، لافتة إلى أن ذلك جاء بعد عقد قرانها.
وابتاعت أول كاميرا احترافية قبل ١٥ عامًا، وكانت كاميرا نيكون D70، وكان سعرها ٥٠٠٠ ريال.
بعد كل هذا أصبحت الضامن عضوة في جماعة التصوير الضوئي بالقطيف منذ ٧ سنوات، والآن هي مسؤولة القسم الإعلامي.
زواج بـ ٢٨٠٠
فتحت نافذة العمل التجاري للضامن كمصورة، بعد زواجها بشهرين تقريبًا، لتنضم لإحدى المصورات حديثة العهد في مجال التصوير، وهي الفنانة باسمة أبو المكارم، التي كانت تبحث عن شريكة لها، تكون لديها دراية معرفية بالفوتوشوب.
وأوضحت أن أول مرة خرجت للتصوير كانت في شهر شوال ١٤٢٥هـ، وكان خروجها حينها للتصوير الفوري، حيث قامت بتصوير أهل الزواج والمعازيم، ويتم استلام الصور في نفس الليلة، من أقارب شريكتها.
تسترجع ذكرياتها: “كنت جدًا مرعوبة وخائفة، وكانت شريكتي، تقوم بالتصوير، وأنا أقوم بتعديل الصور بالفوتوشوب وطباعتها، ولم يفارقني هذا الخوف إلا بعد تفاعل الزبائن الإيجابي بالصور”، مضيفة: “رجعت البيت عند الفجر، بعد أن حصلت على مبلغ بلغ نصف الـ٢٨٠٠ ريال”.
وتقول: “كان يومًا مميزًا، ولن يطله النسيان، سيما أنه ارتبط بمعرفتي في اليوم التالي أنني حامل بأول أطفالي، ومنه قضيت في تصوير الزواجات ١٥ عامًا، حتى توقفت عن ممارسته منذ عام من الآن”.
وبيّنت أن سبب التوقف، جاء بفقدها الرغبة من جهة، ومن أخرى خوضها تجربة تصوير الأطعمة، التي جذبتها، وأبهرتها.
لماذا الأطعمة؟
وعن سبب اتجاهها لمجال الأطعمة أوضحت أن ذلك جاء عن طريق الصدفة، بعد أن تواصلت مع أحد المقاهي، وطلبت منه استقبالها مع ٧ متدربات، بجلسة تصوير مدتها ساعتين، نظرًا إلى تفعيل دورة أساسيات التصوير، التابعة إلى جمعية العطاء النسائية بالقطيف ميدانيًا.
وأضافت: “حينها لم أكن مختصة في تصوير الأطعمة، ولم أجربه إطلاقًا، فإن معرفتي بتصوير الأطعمة بسيطة، والمعلومات التي امتلكها عامة يعرفها أي مصور، حتى غير المتخصص فيه، ولكن كل يوم كنت أقوم بأخذ المتدربات إلى مكان ما، ليمارسن التصوير فيه، فمن هذه التجربة، وما رأيته من متعة في تصوير الأطعمة، لا أعلم كيف استطاع هذا الفن أن يجذبني إليه، لأكون مغرمة به كثيرًا”.
التحقت الضامن بدورة على يد الفنان محمد المنسف، وذكرت أنه في تلك الفترة الزمنية لم يكن الإنترنت واسع الحدود، لهذا لم تفوّت الضامن على ذاتها جانب التثقيف والتغذية بالقراءة والاطلاع، منوهةً بأن أول صورة التقطتها كانت “كوكيز” من صنع بنت اختها عام ٢٠١٥م.
وأوضحت أن تصوير الأطعمة والمنتجات ممتع، وفيه تحد كبير مع ذات المصور ومع المصورين، مما يجعل المصور يطور من أدواته أكثر.
وقالت: “في تصوير الأطعمة ثمة شعور جميل، وذلك حين تجد المتلقي يحدق في الصور، والكلام يهرب من بين شفتيه، لتقرأ الشعور من خلال نظراته وملامح وجهه”.
الوقت من ذهب
“الفنان ذو العدسة، لابد له من خلق علاقات تتسم بالإيجابية والنوعية، تبحر بعيدًا، خصوصًا إذا كانت عدسته تجارية، وهذا فن العلاقات، من يتقنه، سيجد الشرفة واسعة باتجاهه” بهذه العبارة، أشارت الضامن، إلى أنها لها علاقات جيدة مع عدد من الشركات، والمطاعم، والفنادق، مؤكدة أن العمل مع أشخاص يمتلكون عقلًا تجاريًا أمر رائع جدًا تتعلم منهم أمورًا كثيرة، ومنها “الوقت من ذهب”.
وتكشف عن رؤيتها في التصوير بشكل عام تقول: “إنها تجد التحدي في الصورة من خلال أن في داخل كل مصور شخصين، أحدهما يقول له تستطيع، والآخر يقول لا تستطيع، ليفوز الأول بجذب المتلقي للتجربة، وانتقاد ما يراه في الصورة”.
١٠٠ مليونيرة
في عام ٢٠١٧م، اقترحت عليها أختها فوز الضامن الانضمام إلى مبادرة ١٠٠ مليونيرة، تحت تأسيس رجل الأعمال سعيد الخباز وفوز الضامن، وعلوية حمزة، تلك المبادرة التي تمكن المرأة اقتصاديًا، لتتمكن اجتماعيًا، وتضم عددًا من النساء لديهن مشاريع صغيرة أو متعثرة، أو في حوزتهن فكرة مشروع تنتظر التنفيذ، حيث إنها التحقت بالمبادرة، كمصورة منتجات وأطعمة، وتعلمت عدة أمور في ريادة الأعمال، كانت لا تعرف أهميتها، مؤكدة أنها تساعدهن للانتقال من الهواية إلى تجارة.
وأشارت إلى أنها تعلمت خلال الـ٣ سنوات من التحاقها بالمبادرة، عبر المحاضرات وورش العمل؛ ريادة الأعمال، والتفكير والتخطيط الإستراتيجي، وحساب التكلفة، والمحاسبة، وعوامل نجاح المشاريع، وأساسيات الإلقاء، ومهارات التفاوض.
مواقف
عادت الضامن إلى بعض الذكريات الحلوة والمرة، مشيرةً أن تصوير الزواجات مليء بالمواقف الكثيرة، الحزينة منها والمضحكة، ومن تلك الذكريات ذكرت: “في أحد الأعراس تشاجر أهل العروس مع أهل العريس من جهة النساء وكذلك الرجال وأنا مع شريكتي احترنا بأنفسنا أين نذهب وسط ذلك الشجار”.
وتابعت: “في حفل زواج آخر وصل خبر وفاة أحد أقارب العروسين، فكان الوضع مؤلمًا جدًا، سعادة مختلطة بالحزن والفقد”.
وروت أيضًا أحد المواقف المضحكة، حيث كانت أثناء تصوير العروس في غرفة بقاعة الزفاف، فطلبت من أخت العروس أن تحضر باقة ورد، فأحضرتها مجمدة بعد أن طلب صاحب محل الورد منها أن تضع باقة الورد في مكان بارد، لتقوم بوضعها في الفريزر، ليصبح وضع الباقة مزريًا، وقالت: “تلك العروس تمتلك روحًا جميلة جدًا، برغم أنها، بعد الانتهاء من الكوافير، وقبل الحضور لقاعة الزفاف، ذهبت إلى المستشفى بسبب الزكام، فوضع لها مغذيًا، ووصفتها بأنها كانت عروسًا رائقة، لا يوجد شيء، يعكر مزاجها، ومثلها الكثير”.
أمنيات
وعن أمنياتها في المستقبل قالت: “لي ٤ سنوات، قضيتها في تصوير المنتجات والأطعمة، وأطمح بالوصول للعالمية فيه، كما أنني أحلم باليوم الذي أمتلك فيه “استديو”، متخصصًا في مجال الدعاية، ينطلق بي إلى أفق أوسع، لتتلاقح موهبتي مع العمل التجاري”.
وفي نهاية حديثها، بعثت باقة ورد لكل من دعمها، وأرشدها بكلماته، وساعدها، لتنقش خطواتها عميقًا في عالم التصوير الفوتوغرافي.