لا شك أن لكل مجتمع ظواهره وسماته التي تميّزه عن غيره من المجتمعات.
يطيب لي في هذه الأسطر المتواضعة أن أستعرض أبرز الظواهر الإيجابية ببلدة من بلدات محافظة القطيف الحبيبة ألا وهي بلدة (الأوجام) المتربعة أقصى الغرب حيث إن آخر البلدات التي تودّع فيها الشمس ببطءٍ شديدٍ أرض المحافظة راسمةً بأشعتها المائلة للحُمرة في سماء هذه البلدة لوحةً فنيةً ساحرة.
من أبرز الظواهر الجميلة في المجتمع الآجامي:
ـ تشييع الجنائز:
المشاركة الكثيفة في تشييع الجنائز من مختلف الأعمار سمة بارزة في المجتمع الآجامي لا يختلف عليها اثنان؛ وتُعَد من أبرز الظواهر الاجتماعية فهي ليست وليدة اليوم بل سمة متوارثة.
ـ مواساة ذوي المتوفى:
لا يكتفي أهالي الآجام بالمشاركة الواسعة في تشييع الجنائز، بل يسجّلون حضورًا لافتًا في مجالس العزاء (الفواتح)؛ وهذا يسري على مجالس عزاء النساء أيضًا.
ـ عيادة المرضى:
ما أن يسمع الأهالي بمريض إلا وسارعوا لعيادته سواءً كان يرقد بأحد المستشفيات؛ أو بمنزله؛ لدرجة أنك لا تجد أحيانًا مكانًا للجلوس لكثرة الزائرين مما يدفعك لعدم المكوث لدى المريض ولو لبضع دقائق.
ـ التكافل الاجتماعي:
يتميّز المجتمع الآجامي بروح التكاتف والالتفاف حول ذوي الحاجة والسعي لقضاء حوائجهم وسد احتياجاتهم؛ فدرجة الفقر ببلدة الأوجام مقارنة بالبلدات الأخرى تُعد أدنى بكثير؛ فالمستوى المعيشي لشريحة المحتاجين أفضل بكثير من المجتمعات الأخرى؛ وهذا بفضل الله وبفضل الحس الديني والاجتماعي والإنساني لدى أهلها.
ـ دعم المشاريع الاجتماعية والدينية:
لا يتردد أهالي الأوجام في المساهمة في المشاريع الدينية والاجتماعية؛ فالزائر لهذه البلدة يلحظ البناء الحديث لمساجدها وحسينياتها؛ ومؤسساتها الاجتماعية.
ـ إكرام الضيف:
عُرفت البلدة منذ عقودٍ طويلة بحُسن استقبال الضيف والحفاوة به وإكرامه على أكمل وجه، ولعلّ موقع البلدة وبُعدها عن البلدات الأخرى لا سيما في الزمن الجميل كان له دور كبير في بروز هذه الظاهرة.
حيث كان الأجداد يتعاطون مع كل مَنْ يقصد بلدتهم على أنه قادمٌ من سفرٍ طويل؛ فيتحتم عليهم القيام بواجب الضيافة بما يليق به تقديراً له على تكبّده عناء الطريق.
ـ قلة الجرائم:
هذه السمة تشهد لها الجهات الأمنية قبل شهادتي، فحوادث السرقة والسطو قليلة للغاية مقارنة بالمجتمعات الأخرى فضلاً عن حوادث الاعتداء وتهديد أرواح الآخرين التي تُعد نادرة.
كما أن هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها من خلال سلوكيات طلابها وطالباتها؛ إذ أن القضايا السلوكية بمدارس البلدة لا تصل لمستوى ونوعية القضايا السلوكية بالمدارس الأخرى،
ويشهد بذلك كل مَنْ عمل ولا يزال يعمل بمدارسها مَنْ هم من خارج البلدة من إداريين وإداريات ومعلمين ومعلمات.
ختامًا أود التنويه بأن إشارتي في هذه الأسطر للظواهر الإيجابية ببلدة الأوجام وإشادتي بها لا تعني خلو البلدات والمجتمعات الأخرى من هذه الظواهر؛ ولا يعني انفراد بلدة الأوجام بجميع تلك الظواهر؛ فكل مجتمع يتسم بظواهره الإيجابية التي تميّزه عن المجتمعات الأخرى، فكل مجتمع تسوده ظواهرٌ إيجابية وأخرى سلبية، كما أنه لم تكن الغاية من كتابة هذا المقال التباهي أو الاستعراض أو التعالي على المجتمعات الأخرى، أو التقليل من مكانتها وذمها.
إنما أردت من سرد تلك الظواهر تعزيزها وحث أبنائها على التمسك بها والحفاظ عليها لكي تتوارثها الأجيال القادمة، فكل الاحترام والتقدير لجميع البلدات بلا استثناء، كما أسال البارئ عز وجل أن يوفقني مستقبلاً للتطرق للظواهر الإيجابية السائدة في البلدات الأخرى؛ يشرفني ويسعدني ذلك.