تحدث الفنان محمد المصلي عن جماليات الظل في الفن التشكيلي باعتباره مدرسة عميقة، في مجمل مجالات الفنون، كالفن التشكيلي والتصوير الضوئي، سواء بالرسم وهو خليط “الأبيض والأسود”، للظل والنور، أو التظليل، باستخدام بعض الألوان المتضادة لأشباهها، أو المتدرجة منها، حيث يكسب الظل الأشكال كالاستدارة، والتكوير، التجويف، وتحديد الوضعية، والأبعاد في البعد والقرب من مصادر الإضاءة في اللوحة.
جاء ذلك خلال استضافة مجلس البتول لتدبر القرآن بالقطيف، للفنان التشكيلي محمد المصلي في محاضرة: “الظلمة والظلال والمفاهيم التشكيلية رؤية قرآنية”، عبر برنامج زوم مساء الأربعاء 1 ذي الحجة 1441هـ.
ماهية الظلام؟
وبين “المصلي” أن الظلام والعتمة المرتبطة بالليل، ليست عديمة الفائدة في المعيشة لكل المخلوقات، فقد جعل الله الليل لراحة الإنسان.
وأشار إلى أن الليل سبات للراحة من عناء النهار وصخبه، مؤكدًا فائدته لأجهزة التصوير على مدى قرن ونص قبل التصوير بالديجيتال، حيث كان المصور يختبئ تحت غطاء أسود، كما أنها مفيدة في تغيير الفلم وتحميضه وطباعة الصور على الورق.
وأوضح معاني الظلال والظلمة والنور، مبينًا تعاريفه، وفوائده، وعدد الآيات والمرات التي ذكرت في القرآن، وفوائد الظلام عند الإنسان وفي بعض الفنون، لافتًا إلى أن النور يحتل نسبة 4% بينما الظلمات تحتل نسبة 96% في الكون.
وصنف الكلمات المتقاربة للظلام والظل في القرآن الكريم من خلال عكس النور والحرارة، والظلال والظلام، وعلامات الظلام، والليل، وظهور النجوم، والكواكب، موضحًا الأسباب التي تؤدي للظلمة، كالعمى، والغشاوة، والنعاس، والسنًة، والنوم، والرقاد، والسبات.
وذكر أن الظلام ذكر في القرآن عبر 21 آية في 22 مرة، والظل ذكر في 19 آية 20 مرة، أما علامات الظلام؛ فالليل ذكر في 24 آية 25 مرة، والنجوم عبر 7 آيات في سبع مرات، بينما ذكرت الكواكب في خمس آيات خمس مرات.
ما هي الأسباب؟
وتناول الأسباب التي تؤدي للظلمة، فجاء لفظ العمى في 23 آية خلال 25 مرة، والغشاوة 22 آية في 24 مرة، والنعاس ذكر في آيتين، مرتين، والسنة ذكر في آية واحدة مرة واحدة، والنوم ذكر في 9 آيات تسع مرات، والرقاد ذكر في آيتين ومرتين، والسبات كذلك.
وقال إن الظلام في القرآن مأخوذة في اللغة العربية من ظلمة فهو جمع ظلمات، وظلم سواد الليل وظلامه أي غياب النور، موضحًا أن أنواع الظلام هي: ظلمات بطون الأمهات، والأرض، والبر، والبحر، والسحاب، وفي ظلمات الأرض قال تعالى: “وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59).
وأضاف أن المقصود من هذه الظلمة في الآية “يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ”، هو الكيس، فالرحم، ثم البطن، مبينًا معنى الظل في القرآن وهو الفيء، فهناك فيء بالغداة وبالعشي، وهو ظلال وظلول وأظلال، مشيرًا إلى أن الظل هو ضوء شعاع الشمس دون الشعاع، فإذا لم يكن ضوءًا فهو ظلمة، منوهًا إلى أن الظل الخفي في الفن هو ما يرسم في الصورة من قتمه.
وفرق المعنى بين العمى، بأنه لغويًا ذهاب البصر كله، وغشى من غشي بصره، أي كان على بصره غطاء تمنعه من الرؤيا الصحيحة، والنعاس، والسنة وهو مبدأ النوم، والنوم، الذي تغيب خلاله الإرادة والوعي جزئيًا أو كليًا، مشيرًا إلى أنها فترة راحة للبدن والعقل، والرقود هو النوم بالليل، والُرقادُ النوم بالنهار، بينما السبات هو النوم الثقيل العميق.