بالجواد لنا عودة

ج. جواد وأدري ما يحتاج، أمد أيدي للمطلوب
و. وعندي يقين أوياك وعينك تشوف المحجوب
ا.انا المشلول يا مولاي وشلّت ايدي هواي ذنوب
د. دخيلك بضلع أمك والحسين فرّج عنا هالكروب

بذكرى استشهاد مولانا الجواد (ع) لستُ شاعرة أُبحر في بحور الشعر، لكني مجرد هاوية للسباحة في بحر الشعور بحروف متقطعة لأني أعتقد أن كل حرف قد يصيغ آلاف المشاعر المختبئة وتكشفها الكلمات، فحروفي بنفسها هي دعتني لأخطها أربع حروف تحمل داخلها بوابة الدخول له والاستئذان لأصل جوده الذي فاض ولم يعلم الكثير سر فيضان جوده وكرمه.

قد لا أكون الشخص المناسب للتحدث عن هذا الإمام العظيم لأني أجده سراً من أسرار آل محمد وإلا قل لي ما معنى أن يقول والده الرضا السلطان (ع):  كل من ناداني باسم ولدي الجواد قضيت حاجته؟

ما معنى أن يخص مولانا صاحب الزمان (عج) السؤال بالجواد وابنه الهادي عليهما السلام بدعائه بشهر رجب والتقرب بهما حين يقول: “اللهم إني أسألك بالمولودين برجب محمد بن علي الثاني، وابنه علي بن محمد المنتجب، وأتقرب بهما إليك خير القُرب.. “، بمقابل أن هناك العديد من المناسبات والولادات بشهر رجب أعظمها ولادة مولى الموحدين أمير المؤمنين (ع)؟

بالطبع إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، فإثبات عظمة جواد الأئمة لا ينفي أبدًا عظمة المولى علي ابن أبي طالب (ع)، فعظمته لا تقاس ولا تقارن إلا بعظمة رسول الله (ص) فهو نفسه وهارون خلافته.

لكن هو نوع من لفت النظر لمن قد تغيب أهميته عنهم، فالأستاذ والمربي فقد يكون أسلوب التلميح بالأهمية بمسائل الامتحان أجدى من التصريح وأقوى.

نأتي لنتساءل لماذا الجواد يتم لفت النظر له؟ وما هي إحداثيات حياته التي جعلته عظيمًا ويُشار عليه بالأهمية رغم كونه شباب الأئمة قضى وله 25 عامًا فقط وهو يعد الأصغر عمرًا بمقابل بقية الأئمة؟

بعمر 25 عامًا ومدة إمامة 17 عامًا، تسلمها وهو ذو سبع أو ثمان سنوات فقط ماذا فعل فيها يا ترى؟

وقبل أن نذهب لما جرى فيها، هل تساءلنا عن سر العمر القصير الذي وُضعت عليه أعباء الإمامة وتحمل مسؤولياتها في عمر لم يكن له سابق من الأئمة، وكان بوابة للتمهيد لمن سيستلم الإمامة بعمر خمس سنوات لتكون على عاتقه نقطة الختام بخلافة الأرض التي تملؤها عدالة بعد أن تمتلئ ظلمًا بعد أن يغيّب جمال سنين غائبها بظلمة أعظم من غيابة الجب ليوسف.

قد لا يتسع لي المقال لذكر ما جرى بحياة وحيد الرضا (ع) الذي قال عنه بولادته: “قد وُلد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار وشبيه عيسى بن مريم”، فقد تفجرت علوم آل محمد بفم شباب الأئمة وبسنه الصغير اردى أكبر علماء عصره وزعمائهم وأجاب بمجلس واحد عن 30 ألف مسألة وهو ذو عشر سنوات.

لكن شاهدي برواية الرضا (ع) هو لفظ الشبيه ولست بمعرض التطرق لشبههه بالأنبياء، وأترك لكم متعة البحث عن معرفتها، ولكن نقطتي الأساس كونه شبيه الحسن والحسين، فإذا كان شبه الجواد بموسى وعيسى أنبياء الله بالولادة، فله شبه بالحسنين أبناء الزهراء (ع) بالشهادة.

فشهادته مسمومًا كالحسن الزكي (ع)، مع شبه التشارك فيه رزية مصاب الحسين (ع) في كونه قضى عطشانًا وبقى جسده الشريف عدة أيام بلا غسل ولا كفن شيء يعمق عظم مصاب الآل بمصابه وشبابه، لكن ما زلنا نقول لا يوم كيومك يا أبا عبد الله.

اليوم الذي تنتظره القلوب العاشقة، اليوم الذي يفطرها ويذبحها ولا تزال كل عام تشتاقه وتود أن تكون ساعة المذبح هي ساعة الفداء التي تُرضي فاطمة أمه وتسلي جرح قلبها على أولادها، لكن في استقبال عامنا الجديد الذي لم يتبق عليه إلا شهر واحد ليهل هلال حزن المحرم ولا نعلم أي شعور بالتقصير والعتاب ينتظرنا من عينها المألومة لو حدث وكان عاشوراؤنا ناقصًا وجاء بما لا يليق بموالين علي والزهراء (ع) فماذا عسانا نفعل؟

لهذا أضع جواد الأئمة وشبهه بحسنيّ أمنا الزهراء (ع) وتمهيده ليوسفها الغائب (عج) وحرقة قلبها على شبابه ليكون واسطة فيض بين يدي أم العزاء لتفيض علينا بنظرة حنونة تفرج الغم والهم وتزيل كل مرض جاء من هذا البلاء والابتلاء بهذه الجائحة.

بالختام أقول لنا في يوم الجواد فرصة بختام شهر الرضا نستلهم منه انفراجة أمل يلزم أن تُستغل خير استغلال لنزفه بالنذور لابن الرضا (ع)، فالمآتم التي أغلقت من بعد ميلاد الجواد  برجب وعادت اليوم باحترازاتها بشهادته، لا أشك أن النذر لله بحقه ينيلنا مرادنا في عاشوراء الحسين (ع) لنرثي شبابه مع شباب الحسين وشبيه جده رسول الله (ص)، ولنكن بانتظار يوم الحسين وعاشورائه لنكون مع ميعاد عودة حقيقية إن شاء الله بحق سر مولانا الجواد (ع).



error: المحتوي محمي