معذّب القطة.. رحمة بالبهائم المُعْجَمة

انتشر مقطع لأحدهم سكب البنزين على جسد قطة وأشعل فتيل قسّوته في هذا الكائن الضعيف لتكتمل فصول جريمته بحرقها.

كان مشهدًا جمع بين الألم والقسوة، فقد أغلق الجاني مظلّة عقله فظهرت بوادر الجريمة وسط سيناريو حركي مرعب.

ربما لا تستطيع إجمالًا إتمام رؤية مقطع الڤيديو لأنه سوف يشوّه جميع  معالم الجمال بداخلك، بل سوف يأخذنا لعالم من الأسى الذي نحن في غنى عنه، إذ تكفينا الحوادث الزمنية المُبعثرة هنا وهناك والتي نحاول الخروج منها بأي شكل كان.
لقد أدهشني وجود طائفة من السُّداة تظهر بين الحين والآخر تُلّوح للجريمة فتعنّف الحيوانات وتحتفل بجريمتها النّكراء وتصوّر أيضا لحظات الجريمة بكامل  تفاصيلها وتنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها تعد ذلك إنجازًا خارقًا أو سبيلًا  لنشر الدّعابة والطرفة.
‏قاتل الله القسوة وأهلها  في عقر دارها، ‏وجعل الله صاحبها من الذين حقّت عليهم كلمته، فيكون عبرة لكلّ مُعتبِر.

‏يُقال: “إن الذوق السيئ يقود إلى الجريمة بل إن الأسلوب الجريميّ جعل صاحبه مُحترِفًا، يعمل بيديه بمهارة فائقة ويمتهن الجريمة بكل تفاصيلها”.

وفي الوقت الذي يسعى فيه الفنان لنشر رسالة الجمال بين أطيافنا الاجتماعية، ويسعى الحكيم لتوظيف الكمال في العقول يظهر متبني الجريمة ينشر جميع ألوان  التعاسة بمنظر  حرق تلك القطة الأليفة.

هذه القطة الكائن اللطيف الذي رافق الإنسان في جميع أطوار حياته من الطفولة للكهولة مستمتعًا بحركاتها وذكائها  وجمال التصاقها به.
‏⁧‫ ‏
إنّ هذا الحادث المؤلم ذكّرني بحوار جميل دار بيني وبين ابنتي الصغيرة حينما  قالت لي: أتعلمين يا أمي أن هذه القطة لها شأن كبير عند الله تعالى؟
قلت لها: وأنّى يكون ذلك؟
أجابت:
إنّ جدّتها الكبرى كانت سببًا في دخول امرأة مجرمة النار حيث حبستها ولم تطعمها!

إذًا لابد من وجود قانون يعاقب عليه أبناء الجريمة تلك؛ ويمنح  هؤلاء الكائنات الضعيفة حقها في العيش بأمان.
كما أنّ نشر ثقافة اللين والرحمة بين الناس أمرٌ ضروري لتوعية سفهاء العقول، وحماية الكائنات الضعيفة بجميع أصنافهم. فطالما لازم الرفق الخير في جميع سبله، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله:
“من أُعطي حظه من الرفق فقد أُعطي حظّه من الخير”.

لقد وصف الإمام الصادق (ع) الرحمة في الله بالحياة، فكيف يرجو رحمة الله من سلب  هذه البهائم المُعجَمة حياتها وهي لا تُجيد الشكوى إلّا لله تعالى؟!

الحياة قيمة كبرى، وهبنا الله أنفاسًا نركض خلف قطارها السريع فإما أن يكون ركضنا للخير أو للشر. وفي رحلتنا  السريعة لابد أن يعترض الموتُ طريقنا وعندها سوف نشاهد ذلك الشريط السينمائي لفيلم أنت بطلة فهل سوف تكون أيها الإنسان بطلًا شريرًا أم بطلًا سلك جميع مسالك الخير وترك بصمة حياتية جميلة؟!

في نهاية حزني من أجل تلك القطة المنكوبة حرقًا تذكرتُ  قول توفيق الحكيم: ‏”بورك من ملأ حياته بعمل الخير  لأنه أدرك أنها أقصر  من أن  يضيعها بعمل الشر”.



error: المحتوي محمي