مع قهوة الصباح تصافح قلمي مع الورقة بعد خصام لمدة ثلاثة أيام، فكان التسامح بينهما من كتابة مقال يشجع المجتمع في بناء الجسور وتحطيم الجدران بمطرقة ليست مصنوعة من حديد بل مصنوعة من الحوار الفكري، وبناء الجدران لم تنجح في تأمين الخبز للفقراء، ولم تخفف آلام البشرية، نجحت في سرقة زهور الشباب وإلقائها في ظلمات البحر، ما أكثر الجدران التي تحتاج إلى تحطيم بمطرقة الثقافة والفكر: إلى أي قبيلة تنتمي؟ نوع عقيدتك المذهبية (الطائفية)؟ كم حجم أموالك؟ لون بشرتك (العنصرية)! وغيرها من الأسوار غير الأسمنتيه.
بناء الجدار يشير إلى الارتباك ووضع القيود في معصم اليدين، وتصنيف الناس إلى طبقات في معيار كم كيلو ذهب في جيبه؟ وليس النظر إلى كم كيلو أخلاق في قلبه؟ البعض يلبس عباءة الدين حتى تخدم العباية مصلحته الشخصية حتى وهو بعيد كل البعد عن الدين، والبعض الآخر قلادة الثقافة والفكر ويزرع أوهامًا نفسية ليس لها غير الهلاك في المجتمع.
بناء الجسور وهدم الجدران بالمطرقة الفكرية مؤشر على الحرية الفعالة والتسامح والنقد البناء، حيث بناء الجسور يقوي وحدة المجتمع، وكذلك هدم الجدران التي بنتها ربما ثقافة غير صحيحة ومادة فعالة للتغيير الإيجابي، البعض يخاف من التغيير وثقافة المجتمع حتى مصالحهم الخاصة تبقى قوية.
الشخص الذي لا يملك بعدًا إنسانيًا لا يساوي خمس هللات، نتمنى من الشباب تحطيم الجدران بالمطرقة الفكرية التي تستند عليها الصيحات الحزبية، و النظام الطبقي بين المجتمع، التي تكون متعارضة مع قيم البشرية وبناء حضارة الإنسان، أعيدوا صيانة جسور التسامح التي تجعل الإنسان محبًا للخير بعيد عن النعرات والخرافات التي تصب في مجتمعنا حتى أصبح الشباب لا يعرف أساسيات الذوق العام.
دعونا نصهر الجدران الثلجية التي دخلت على ثقافتنا أمثال “النيوليبرالية” التي تقود إلى هلاك الفقير وإحياء الغني، حين أبصر حادث (خطاكم الشر جميعًا) أقدم على مساعدة الشخص في إسعافه ومد يد المساعدة بغض النظر عن مذهبه وعرقه أو جنسيته، حيث إنني مازلت مشحونًا بمادة الإنسانية التي دفعتني إلى مساعدة المحتاج. جمال الإنسانية يتمحور في الشعار الجميل من الإمام علي (عليه السلام) في خطابه إلى مالك الأشتر عن كيفية التعامل الإنساني في ولاية مصر (أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق) ينبغي معاملة الإنسان كأخ لك في الخلق. ليس من الصعب في هدم الجدران التي تعيق حوارية الفكر واستبدالها بجسور تربط المجتمع للوحدة والتعاون حيث نملك المطرقة الفكرية.