استطاع علي عبد الله العوامي إتقان إصلاح الساعات بالمشاهدة والتجربة بعد أن وجد من الضروري اكتساب المهارات التي تمنحه القدرة على معرفة تفاصيل تلك الإجراءات المتناهية الصغر، وكأن لكل جزء منها سر دفين لا يمكن ترجمته إلا مع حركة عقارب الساعة، التي تتحدث حديثًا لا يفهمه إلا المتخصصون.
وأوضح “العوامي” لـ «القطيف اليوم» كيف أتقن إصلاح وتسويق الساعات، بعد أن امتهنها بمشاركة والده، الذي يعد من التجار المعروفين ببيع دهن الغنم في القطيف، حيث كان يعمل “سمّان” يبيع الدهن المستورد من اليابان وهولندا، بالإضافة إلى دهن الغنم البلدي الذي يتم شراؤه من أهالي البادية، في مناطق المملكة.
وجد نفسه منذ طفولته بين أب وأعمام لهم نفس الشغل الشاغل، رسخ عنده أهمية المشي مع الركب على ذات الجادة، ولبس جلبابهم بتعلم مهنتهم مع صغر سنه التي تصل إلى ١١ عامًا، بحمل التنكات التي يصل وزنها إلى ١٦ كيلو، والبحث عن لقمة العيش بالعمل في ذلك الدكان الذي يحاذي سوق الخضار بحي المنصورية في القطيف، إلا أنه مع الوقت رافق ذلك بيع الساعات والأدوات الإلكترونية وفتح محلًا خاصًا لها، في سوق مياس، وامتد إلى إصلاحها والاستعانة بالعامل الأجنبي في إدارة المحل.
ومضى “العوامي” في عمله الثنائي إلى أن جاء زمن أسدل الستار على بيع الدهن سنة ١٤١٠هـ، تقريبًا، نتيجة لضعف الإقبال عليه، بعده تفرغ إلى بيع الساعات والإلكترونيات، ومع تتابع السنوات اقتصر على بيع وإصلاح الساعات فقط بعد الاستغناء عن العامل الأجنبي، بشرائها من الوكالات الخاصة، والتي تستورد من عدة دول؛ على رأسها سويسرا واليابان والهند، بتعدد بالماركات والأشكال اليدوية والحائطية والمكتبية، التي تواكب التغيرات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العصر الراهن.
واكتشف في مهنته الوهج المستمر لساعات ومدى الحاجة إلى استخدمها أو اقتنائها مع تغير الزمن وغزو الساعات التي ترافق الأجهزة الإلكترونية، وبأنها ليست لحساب الوقت بل نوع من الانتماء وزينة المظهر الذي لا يكتمل إلا بها، مبينًا أنه يمتلك شخصيًا بحدود ٢٠٠ ساعة لكل منها ميزة لا يمكنه أن يستغني عنها، جميعها بين الاقتناء والاستخدام، ويصل عمر أقدمها – ساعة جدارية – إلى ما يقارب ٨٠ عامًا.
واعتبر مهنته في إصلاح الساعات محل اعتزاز له، ما يثير استغراب البعض بأنه سعودي ومن النادر أن يجدوا ذلك، إذ يجد فيها حالة من التفرد الذي يخدم به أبناء مجتمعه الذين من حوله، مع وجود تحديات الالتزام بالوقت، والبحث عن قطع الغيار، وكذلك كثرة الجلوس لأوقات طويلة في وضع واحد، كما أن لديه تحدي نسيان بعض الزبائن ساعاتهم بعد طلب إصلاحها.