يوم_الأب_العالمي
استوقفتني كلماته ورأيت مشاعر الأسى تنساب بين حروفه وهو يتساءل:
هل ينساق صفوة النّخبة من الكتّاب زمرًا خلف هذا الحدث وكأنهم حديثو العهد بآبائهم؟
وهل ننتظر يوم الأب أو عيد الأم لنسجل بعض الأشعار وبعض الكلمات النثريّة في حبهما على وسائل التفاعل الاجتماعي؟! بينما نفتقد في أعماقنا البرّ الحقيقي أو ربما نصفق لأخوتنا، ونساندهم وندفع بعض المبالغ النقدية معهم لتكتمل سيمفونية الحفل الإبداعي المتقن.
وكذلك الحال في القضايا الحياتية الأخرى فدومًا نفتقد زمام المبادرة ونكون كالتبيع لا ينفك ملتصقًا بأمّه فنسعى للتقليد دون أن تكون لدينا أصالة المبدأ.
ماذا بعد يوم الأب، هل هناك مناسبة جديدة وُضعت لنا وسوف نُصفّق خلف من وضعها أيضًا؟
لن أسطر كلمات في حبّ الأب لأنه احتفال عالمي (Father’s Day) وضعته فتاة لا أعرف عنها شيئًا ثمّ أعرج على مثالب الأم
كواجب منزلي كُلّفت به فهناك رسالة إسلامية أسمى، شاءت تمام الأدب معهما ونطقت بمصداقية وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا!
بضع كلمات لن تفي بالطاعة الكاملة ومهما حاولنا الوصول لن نصل لها، فالكمال لله وحده وتظلُّ وصية الله تعالى لنا في حقهما متأرجحة بين النقص والتّمام {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً}… [سورة العنكبوت: 8].
إنّ مقياس السنين يكشف أوثق عرى الروابط بالوالدين مع إنها علاقتنا ذاتها بقلوبنا وضمائرنا التي تبرمجها القرابة الوثيقة بالله تعالى فإذا تنكّرت لله تعالى في كثير من المواقف الحياتية انفصلت تلقائيًا عن علاقتك بالسمو الإنساني الذي يقدّس البر بالآباء.. وثوب البرِّ لا يرتديه من يخرج من فمه كلمة استنقاص بوالديه مهما كانت حجم المواجهة بينهما.
تذكّر دائما أنّه مهما فعل والدك فإنه لا يستطيع أن يجعلك رجلًا، إذ يجب على أمّك أن تأخذ نصيبها، وتفرض وجودها شاءت ذلك أم أبت. وعندما يزأر الأسد لا يلتهم صغيره لذلك فإن كلُّ كلمة تأنيب من الأب هي درس رائع في الحياة، وقد تقرأ في سطور قسوته بطولة رجلٍ هيّأ لك الربحَ في مواقف حسبت نفسك فيها من الخاسرين.
إن الصوت الإلهي الذي يتردد صداه كلّ يوم بين حروف القرآن الكريم باعث قويّ لإقامة مهرجان عظيم يحكي لنا قصة البر بالوالدين.