في منتصف شهر رمضان سنة ١٤٤٠ هجرية فقدنا إبراهيم الوحيد “أبا أنور” وظننا أن ملكَ الموت قد يبعد قليلًا وتكتفي الأيام بما أخذت من عزيز، ولو لبرهة أو فسحةٍ قصيرة.
لكن ما كادت تمر سنة أو تزيد قليلًا إلا وغرزت الأيامُ خنجرها مرةً أخرى واصطفت ابنته أزهار. كل هذا حق ومعلوم ومحسوب، لكن ما كان جرح أبيها مثلها!
حظي إبراهيم بجنازةٍ مهيبة وبحضورٍ لافت واصطفاف العائلة في وداعه ومدة عزائه. وهذا ما لم يحصل لأزهار ابنته التي انتقلت إلى جوار ربها يوم أمس الاثنين ٢٣ شوال ١٤٤١ هجرية.
في العادة شابة من العائلة مضت فلابد أن نصطف ونعزي الغادي والرائح، لكن الظروف وصروف الزمان بما هو معلوم حرمتنا من العزاء فلم تكن سوى كلمات مواساة بالهاتف أو رسائل لا تستطيع أن تحمل بين طياتها ثقلَ الأسى والفاجعة. فليس لنا إلا ما كتب الله إذ في الماضين عبرة وكما قال ابن الرومي:
بكاؤكُما يشفي وإن كان لا يجدي
فجودا فقد أودى نظيركمُا عندي
بُنَيَّ الذي أهدتهُ كفَّاي للثَّرَى
فيا عزَّةَ المُهدَى ويا حسرةَ المُهدِي
ألا قاتلَ اللَّهُ المنايا ورميها
من القومِ حَبّات القلوبِ على عَمدِ
ليس من فرحٍ اليوم بموتها سوى إبراهيم فهو سوف يلتقي بقطعةٍ من كبده أحبها طيلة حياته، ولم يرها سنةً كاملة بعد موته. وإلا فالمحزونون كثر وليس من عزاءٍ لصغارها وأشبالها الذين تركتهم سوى أن روحها لم ولن تغادرهم ورحمة الله سوف تشملهم وتلفهم فيكبرون في رغدٍ وهناء.
لها الخلود في الجنان ولفاقديها الصبر والسلوان.