“تفنى الأيام وتبقى مآثر الرجال فاصنع بنفسك مجدًا حتى لا يطالك النسيان بعد زوال الأجسام ولا تنس الدعاء لمن وهب حياته ونفسه من أجل بقاء الأوطان ونماء الإنسان” (1)…
الخطيب الشهير الملا محمد المسيري أبو جعفر عرف عنه كخطيب عند أكثر العامة.. وحتى كخطيب فهو صاحب مدرسة خطابة مميزة عرف بها وكان له جمهوره الخاص لما له من صوت شجي وطور خاص به.. ليلة السابع من المحرم ليلة أبي الفضل العباس عليه السلام وهي بلا شك معروفة عند جميع المستمعين بليلة ملا مسيري..
تكسير الرايات أثناء المصرع والأداء الذي يعيشه المستمع وكأنه في ظهيرة يوم العاشر في ساحة كربلاء…
الجانب الثاني من حياة أبي جعفر رحمه الله هو أنه كان من أوائل أصحاب الحملات للحج والعمرة منذ ما يقارب ٥٠ سنة.. وأي شخص لم يذهب للحج أو العمرة مع أبي جعفر فقد فاته نصف عمره؛ كما يقول المثل أو كما نقول نحن… لما يتميز به أبو جعفر من صحبة سفر وخدمات لن أقول عنها مميزة ولكن الشخص الذي أمامك بعظمته ومقامه هو من يقوم بخدمتك بنفسه.. غير ذلك فالحجيج أو المعتمرون كل ليلة وفي حلقة واحدة يجتمعون حوله يستمعون له إما بكاءً وندبًا على أحزان أهل البيت.. أو فرحًا وطربًا لمواليدهم.. وبجانب ذلك فالخطيب الملا أبو جعفر المسيري صاحب نكتة ومقالب فكاهية وحكواتي من الطراز الأول.. وكعادة أصحاب الحملات وخدماتهم.. فقد يختلف حولك الكثيرون ويحلف المسافر ألا يعودها ثانية بالمجيء أو السفر معه ولكن هيهات له ذلك.. ولكن في الرحلة القادمة هو أول الناس معك…
رحمك الله أبا جعفر رحلت وفي القلب أسى وفي العين قذى.. أنت الآن مع من تحب وتوالي وقمت بخدمتهم طوال حياتك محمد وآل محمد.
طوبى لشيخنا الفاضل هذه الخاتمة العظيمة، وهذا الرحيل المبارك، طوبى لمن صدق الله فصدقه، تغمد الله سنديانة الوطن بواسع رحمته وغفرانه وأسكنه فسيح جناته، وعظم الله أجرنا وعوضنا بخطباء علماء حكماء مثله يعلون كلمة الحق على منابر الحق.
1- جملة مقتبسة.