لعل أغلبنا لم يسمع ببطل الفنون القتالية المختلطة الأمريكي فرانك شامروك الذي هو صاحب مبدأ “زائد ناقص ويساوي”، حيث يستخدم هذا المبدأ في تدريباته القتالية التي جعلت منه بطلًا لا يُقهر ومقاتلًا أسطوريًّا.
وهذا المبدأ (+ – =) مبدأ رائع ويصلح أن يكون مبدأً عامًّا في الحياة أيضًا.
ويقول هذا المبدأ (بشكله العام) بأنّ على الإنسان الذي يريد أن يبدع في حياته في مجال ما أن يحيط نفسه بثلاثة أنواع من الأشخاص؛ النوع الأول (الزائد) هو المعلم الذي هو أفضل منه في المجال المنشود وأكثر علمًا فيه، وفائدته أن تتعلم منه وأن تنمي مهاراتك وتطور من رؤيتك نحو الأداء الأفضل. أما النوع الثاني (المساوي) فهو الشخص الذي يساويك في العلم والمهارة فيعتبر ندًّا لك. ولذا يمكن أن نسميه المتحدي فهو الشخص الذي يساويك في كل شيء. وهذا الشخص تتعلم منه اختبار قدراتك عبر تحديه ومصارعته ومنافسته. ومنه تكتشف بالاختبار والتجربة مميزاتك الكامنة وعيوبك الخفية. ولعل أفضل شخص يمكن أن تتحداه هو أنت. وأما النوع الثالث (الناقص) فهو الشخص الذي أنت أفضل منه في القدرة والمهارة وأكثر منه علمًا وبراعة. وهو تلميذك الذي تشرف على تعليمه وتدريبه وإرشاده. وفائدته أن تعلّمه وتدرّسه كي ترقى بمستواه وتعطيه مما تتعلم لأنك من خلال تعليمه إنما تمارس دور المعطاء ومنه تقوم بمراجعة وتعميق فهمك لما تعرف حتى تقف على أرضٍ صلبةٍ ليس فيها ثغرات أو فجوات متوارية عن وعيك.
إن وجود هذه الأنواع الثلاثة من الأشخاص حولنا يخلق لدينا حالةً من الاتزان والاستواء الداخلي فيظهر أثرها سلوكيًّا؛ في التواضع والتعلّم والعطاء.
فهذا فضاء ثلاثي الأبعاد يمتد إلى غير انقطاع فلا نهاية لرحلة التعلم. ولا نهاية للتحدي ولا حدود للعطاء.
هذا ما يذكره راين هوليدي في كتابه الغرور هو العدو Ego Is the Enemy حيث يشرح المؤلف كيف يمكن للغرور أن يحرف تركيزنا عن هذه الأبعاد الممتدة إلى ما لا نهاية ليحصرنا في نقطة واحدة؛ نقطة الأصل، نقطة الأنا. وعلينا أن نتخيل حينها كيف يمكن أن تكون أكبر العقبات التي يواجهها الأشخاص الطامحون عقبات داخلية منزوية في أنفسهم، وهذه النظرة متعلقة بتدنٍ نحو الذات وتعالٍ نحو ذوات الآخرين.
ومع ذلك فإن أغلب الحالمين بتحقيق إنجازات كبيرة يفكرون بالعقبات الخارجية فقط، أما العقبات التي تتعلق بالظروف التي تحيط بهم والأشخاص الذين يلتفون حولهم فهم يغفلون تمامًا عن البيئة الداخلية لأنفسهم متناسين أنّ طريقة تفاعلنا مع عالمنا الخارجي إنّما تُوجه من خلال مبادئ عالمنا الداخلي.
إن العقبات الداخلية كثيرة، وأكبرها ما يواجهه الطامحون كعقبة الغرور؛ الغرور الذي غالبًا ما يشوه نظرتهم للواقع الخارجي فلا يرون صعوباته فتصدمهم أو فرصه الكامنة فتفوتهم. بل ويشوّه أيضًا نظرتهم لقدراتهم الخاصة. لذا تصبح نظرتهم غير واقعية فيغفلون عن تنمية مهاراتهم في جوانب النقص الضرورية للنجاح، فضلًا عن أنّ هذه الصفة النفسية تجعل الإنسان غير متصالحٍ مع ذاته فيصبح في حالةٍ من التوتر؛ ذاك التوتر الذي يستنزف موارد طاقتنا النفسية والعاطفية فيهدرها في غير مواطن التحدي الذي نسعى لتحقيق طموحنا فيه.