كشف الفنان الفوتوغرافي وائل الجشي أن ما بثه من صور على حسابه في إنستجرام الذي يضم أكثر من ألف صورة، لا يعادل سوى 5% فقط من مجموع بنك صورهِ الخاصة المُعالجة وغير المُعالجة.
وبين أنهُ خلال سفراتهِ تأثر كثيرًا بِما تراهُ عيناه من طبيعة لافتة، حتى تشبّع من تلك المناظر الطبيعية التي كان يشاهدها في تنقلاته، فأخذ يستكشف ويختار ويوثق أجمل ما يراهُ بصورة جاذبة للمتلقي.
وأضاف إن التغذية البصرية شكلّت لديهِ نهمًا كبيرًا في هذا الجانب، فهو يميلُ للتغذية البصرية كثيرًا، ويتابع الحسابات التي تهتم بهذا الجانب، أو حتى بسيطة وغير لافتة لصاحبها
جاء ذلك في رحلة حوار “العدسة السعودية في أوروبا” على منصة “إنستجرام” للمدرب محمد الخنيزي، مع الفوتوغرافي وائل الجشي.
بكالوريوس تصوير
ونفى “الجشي” أن يكون جانب الدراسة أو جانب الممارسة كافيًا وحده لخلق فنان فوتوغرافي متمكّن، فالدراسة وحدها ليست كافية، وكذلك جانب المهارة والموهبة لوحده ليس بكافٍ للإبداع، ففي أوروبا وأمريكا هناك دبلومات طويلة تمتد لعشرة أسابيع وأكثر، وهناك أيضًا دراسة البكالوريوس بتخصص تصوير، والدورات المستفيضة لفنّ التصوير من شأنها أن تُثري جانبًا معينًا، بينما دراسة البكالوريوس علمٌ أكاديمي وتراكمي لتأسيس لهذا الفنّ بصورةٍ قوية.
هامات فوتوغرافية
ويرى أنّ لقب “الفوتوغرافي” ليس لقبًا بسيطـًا ليُعطى جزافًا لمن لا يستحقهُ، بل ينبغي أن يُعطى لمن يكون هذا الفن هو ميدانهم الفعلي، وهناك هاماتٌ وقاماتٌ يُشار لهم بالبنان في مملكتنا عمومًا وقطيفنا خصوصًا، وهم من يستحقون هذا اللقب بجدارةٍ واستحقاق.
وتابعَ: “وهناك مقوماتٌ وقواعدُ أساسية للتصوير ينبغي الإلمام بها جيدًا لكلّ مصوّر، وهي قواعد تشتركُ مع الفنون الجميلة في ذات الأفكار مثل قواعد التثليث والإضاءة واختيار الموضوع، وهذه المقومات هي خطوات الانطلاق القوية والثابتة في هذا المجال”.
تجربة
وأرجعَ هوايته بالتصوير لجذورٍ قديمة سابقة، لكنّ بدايته الحقيقية كانت مارس 2017، حيثُ حصلت له حادثة جعلتهُ يرجع لمخزون الصور الموجود عنده سابقًا، ليأخذَ من مخزون التغذية البصرية والدراسة والمحاكاة فيما بعد، وابتداءً من ذلك التاريخ وحتى وقتنا الحالي استطاع أن ينهلَ من منابع الفوتوغرافيين في المنطقة، وأن يطلّع على آلاف من مقاطع الفيديو، وأن يحضر عشرات الدورات داخل وخارج المملكة، فاستطاع بالرغبة وإمكانية السفر لديه، وإمكانيات التصوير المتاحة والممارسة المستمرة، أن يختصر المشوار الذي يقطعهُ بعض الفنانين في عشر سنوات لثلاث سنوات حافلة بآلاف الصور.
توثيق
ويُدين “الجشي” للفوتوغرافي محمد الخراري في عطائهِ وتوجيهاتهِ وملاحظاته، حيثُ تركَ شيئًا من بصمةٍ واضحة على شخصيته وتوجهاته، لكنّه أيضًا وجدَ ذاتهُ في تصوير الطبيعة، فلكلّ فنان توجهه الخاص في التصوير مثل حياة الشارع والبورتريه والتصوير الشخصي، ولكن قبل تخصص الفنان فيما يستميلهُ فلا بُد من الإلمام بجميع الفنون الأخرى للتصوير والمعرفة بها.
ويقول: “خضتُ تجربة رائعة ومميزة باشتراكي مع مجموعةٍ من مصوري القطيف في مجموعة حملت اسم “توثيق” الذي كان يُعنى بتوثيق الأماكن التراثية بالقطيف؛ وهم الفنانون إسماعيل هجلس، ومحمد الخراري، وعلي المادح، وأمين سماح، وكانت انطلاقة جيدة في حينها، لكنّ الإصرار والمتابعة كانا يستلزمان وقتًا وجهدًا، واستطاعَ إسماعيل هجلس ومحمد الخراري أن يواصلا إنتاج صورهما المميزة في هذا الجانب، والبعض الآخر وثّقَ تلك الصور في كتبٍ تم نشرها وبيعها لاحقًا؛ مثل علي المادح وإسماعيل هجلس”.
هُنا وهُناك
واستعرضَ “الجشي” مجموعةً من الصور التي التقطها في أوروبا وإسبانيا وسويسرا وإيطاليا، وبعض المدن المختلفة في هذه الدول مثل؛ روما وطليطلة وباريس والبندقية وسويسرا، وباعتبار أنّهُ يرى نفسهُ من المصورين الملتزمين فقد كان يعمد لعدم تغيير بنية الصورة؛ حتى لا يفقدها ولا جزءًا واحدًا من مكوناتها، وقد كان يلتقطَ بعضها بكاميرته الاحترافية، وبعضها بكاميرا الهاتف النقال التي تحملُ الآن الكثير من الميزات التي تجعل الصور الملتقطة من خلالها احترافية كذلك.
وبيَّن أنّهُ بمتابعتهِ لصور الفوتوغرافيين قلّما وجدَ تشابهًا بين التقاطتين لمكانٍ واحد؛ فكلّ فنان يُعطي الصورة جزءًا من روحهِ وحسّهِ المختلف.
صورة وكلمة
وباحَ “الجشي” بمشروعهِ الخاص المتمثّل بملحمةٍ صورية يُحوّل فيها ديوان خاله عبد الله الجشي” شراع على السراب” من أبياتٍ وكلمات للوحاتٍ صورية، مازجًا بين الصورة الناطقة بالأبيات والعبارات، وهي تجربة سبق أن تمّ تنفيذها في الكويت.
وأوضح أنّ تجربتهُ مع الشاعر مازن الفارس “علامات الاستفهام لا تقبل القسمة” كانت تجربة جديرة بالمغامرة، استلزمت منهُ قراءة بعض القصائد بعد أن عرضَ عليه “الفارس” مشاركتهُ بلوحاتهِ في الديوان، وواتتهُ الأفكار بعدها لتصميم صورة غلاف الكتاب بالدمج بين صورتين التقطهما في باريس، كما أن له مشاركة آنية مع الشاعر أيمن الشماسي الذي اختار مجموعة من صورهِ لديوانه القادم.
الفنّ الحقيقي
وأكدّ “الجشي” أنّ الفن الحقيقي للمصور الفوتوغرافي أن يبرز الصورة الحقيقية كما التقطها واقعًا، وأنّ استخدام الفنان التكنولوجيا للتعديل من تقنيات الفوتوشوب وغيرها من شأنها أن تخلق صورةً من العدم، لكنّها لن تكون صورة الفنان الحقيقية، لأنه العين الواقعية التي تعكس الصورة كما هي، وكما أن هناك شحطاتٌ للفنانين وتجربة لأمور معينة، كذلك يفعل المصور في تعديل الصور وإخراجها، ولكنْ في النهاية لا يصحُّ إلا الصحيح.
وصفَ فنّ التصوير بأنّهُ الفنّ الذي يستطيع من خلاله المصوّر اصطياد الصورة باستخدام الضوء والظل، اللذان يستطيع بهما تجسيم الأشياء، ومنها جاء لفظ الفوتوغرافي بمعناه فنّ التقاط الصورة باستخدام الضوء، وهو علمٌ وفن؛ فلهُ جوانبُ أساسية لا تؤخذ إلا بالدراسة، ولهُ جوانبُ فنية مكتسبة بالممارسة، والأهم من ذلك كلّه هو الحسّ الفني لالتقاط الصورة والشعور بها ونقلها للمتلّقي بروحها، وذلك الفنّ الأعظم الذي يفرقُ هذا الفنان عن غيره.