مسؤوليتنا بين البحث عن الأسباب المادية والعودة إلى الله تعالى

مع أن القرآن الكريم يحدثنا عن أمراض القلب التي هي أشد فتكًا بالإنسان من الناحية الروحية والأخلاقية، إلا أنه مع ذلك حدثنا عن مرض اعتلال البدن خصوصًا من جهة الآثار الشرعية المترتبة على ذلك لا سيما مع وجود البدائل الشرعية مع طرو المرض.
ولمعرفة دورنا تحديدًا في زمن الجائحة والذي يتصاعد خطره علينا يومًا بعد يوم؛ أشير إلى أمرين أساسيين:
▪️الأول: البحث عن الأسباب المادية للمرض، فالقواعد الشرعية والعقلية من قبيل مقدمة الواجب واجبة ومقدمة الحرام محرمة تريد منا الالتفات إلى المقدمات التي تؤدي لاعتلال البدن، ولعل الشرع المقدس من خلال محرمات الطعام والشراب يستهدف ذلك، وهذا ما يعني وجوب اتباع سائر الاحترازات الوقائية والصحية للحفاظ على النفس المحترمة.
خصوصًا فيما يتصل بالأمراض المعدية حيث حذرنا الرسول (ص) بقوله: “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها” كل ذلك يدعونا أيها الأحبة إلى ضرورة الحفاظ على النفس من خلال تحديد العلم لمصاديق الضرر لجهة الاحترازات الطبية.
▪️الثاني: التضرع إلى الله تعالى لكشف الوباء والبلاء. ربما لأن جانبًا من الابتلاءات تقع بما كسبت أيدي الناس، كان الأولى أيضًا التوجه لله تعالى والتضرع إليه لكشف ما منينا به، فقد جاء في الخبر: عن عبد الله بن سنان قال: سمعت معتبًا يحدث أن إسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام حُمّ حمى شديدة فأعلموا أبا عبد الله بحمّاه فقال لي: ائته فاسأله:
أي شئ عملت اليوم من سوء فجعل الله عليك العقوبة؟ قال: فأتيته فإذا هو موعوك فسألته عما عمل، فسكت.
وقيل لي: إنه ضرب بنت زلفى اليوم بيده فوقعت على دراعة الباب فعقر وجهها، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بما قالوا، فقال: ثم دعا بالجارية، فقال: اجعلي إسماعيل في حل مما ضربك، فقالت: هو في حل.
فوهب لها أبو عبد الله عليه السلام شيئًا، ثم قال لي: اذهب فانظر ما حاله؟
قال: فأتيته وقد تركته الحمى.
وهنا نتساءل: هل هنالك تعارض بين التوجه لله تعالى وبين اتباع الاشتراطات الصحية والوقائية؟
في الجواب: قطعًا لا تعارض بينهما بأي حال من الأحوال، بل قد علمنا الرسول الأكرم (ص) التمسك بحبال القواعد المادية والتوكل على الله تعالى ضمن قاعدة اعقل وتوكل، حيث أجاب عن سؤال الراعي حين قال: يا رسول الله أعقلها وأتوكّل؟ أو أُطلقها وأتوكّل؟
قال (ص): “اعقلها وتوكّل”.
وأخيرًا مجتمعنا العزيز وحفاظًا على أرواح الجميع، لنعقلها جميعًا باتباع الاحتياطات الصحية ونتوكل على الله تعالى لكشف البلاء إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.


error: المحتوي محمي