يعود تاريخ البرامج الاجتماعية أو القطاع الثالث كما يتم تسميته حالياً، إلى عام 1863م حين أنشئ مجلس الصليب الأحمر العالمي، كما أن تعبير منظمات غير حكومية استُخدم مع إنشاء الأمم المتحدة عام 1945م، أما تعبير المجتمع المدني فإن أول من استخدمه هم الفلاسفة اليونان ومنهم أرسطو، وان كان في غير المعنى المستخدم حالياً.
هذا القطاع اضطلع بمهام ثلاث أولها الإغاثة والمعونة، وثانيها التركيز على التنمية، أما الثالث فكان مهتماً بإحداث التغييرات على مستوى السياسات في المستوى المحلي والوطني، من هنا تبرز أهمية هذا القطاع ودوره الكبير على مستوى العالم، لذا اتخذت العديد من المنظمات العالمية الاهتمام بهذا القطاع مقياساً لقوة أي مجتمع، وقدرته على السير باتجاه تحقيق أهدافه التنموية.
كما تتضح أهميته من اهتمام المجتمعات المتقدمة به، حيث يشير تقرير نشرته الاقتصادية عام2010م إلى أن عدد الجمعيات الخيرية في أمريكا يبلغ 1.5 مليون جمعية، وفي المملكة 500 جمعية فقط (حالياً تجاوزت الألف جمعية) من هنا تأتي الحاجة للاهتمام بهذا الجانب، والسعي لزيادة أعداد الجمعيات وأعداد المتطوعين فيها، وما مشروع مليون متطوع الذي تستهدفه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ضمن رؤية 2030 إلا تأكيداً على أهمية التطوع والمتطوعين.
من جانب آخر، فإن الجهات الرسمية معنية بتسهيل مهام الجمعيات بل ودعمها، كما أن أفراد المجتمع مطلوب منهم العمل بجد واجتهاد لتلمس حاجات مجتمعهم، وتشكيل اللجان والجمعيات المناسبة التي تساهم في تطويره وتنميته، خاصة إذا علمنا من تجارب الدول الأخرى، أن الجمعيات قد تكون قادرة على حل بعض المشكلات، بصورة أفضل حتى من بعض الجهات الحكومية.
من هذا المنطلق كان اهتمام المواطنين، وتحديدا؟ بمحافظة القطيف في افتتاح الجمعيات الخيرية، حيث احتضنت المحافظة أوائل الجمعيات الخيرية على مستوى المملكة، وتلاه افتتاح لجان التنمية، كما أنشئت العديد من اللجان، والتي توقف أغلبها حالياً، وفي العقد الأخير كان افتتاح أول جمعية نسائية بالمحافظة (جمعية االعطاءئ والتي ترأسها الدكتورة أحلام القطري، حيث كانت واحدة من أبرز المبادرات الأهلية، إضافة إلى جائزة القطيف للإنجاز التابعة للجنة التنمية بالقطيف، والتي تعتبر المبادرة الأهم والأبرز منذ عقود، حيث أسسها الأستاذ سعيد الخباز، ويديرها حاليا أحد أكفأ القيادات على مستوى المحافظة وهو المهندس عبد الشهيد السني، ومعه مجموعة كبيرة ومتنوعة من الكوادر الفاعلة، والتي تسير ضمن نسق منظم واحترافي متميز.
ومنذ تشكل هذه المبادرة قبل اثني عشر عاماً، نستطيع القول إننا لم نشهد مثيلاً لها، وهذا يطرح سؤال: لماذا؟ لماذا توقف أبناء المحافظة عن تقديم المزيد من المبادرات؟ لماذا لم نسمع عن لجان جديدة ذات أثر؟
والكلام ذاته يقال حول مدينة سيهات، فمنذ عقد من الزمان تقريباً لم نشهد زيادة ملحوظة في عدد اللجان والبرامج، تتناسب مع معرفتنا بقدرات واهتمامات أبناء هذه المدينة، والسؤال: لماذا؟ وما هو السبب؟ ويمكن الحديث عن بعض البرامج المحدودة والتي نعتبرها أقل من الطموح، فإدارة نادي الخليج الحالية، قامت بمبادرة هي الأولى منذ تأسيس النادي، حيث تحتضن برنامجاً على مستوى محافظة القطيف، فتقيم أولمبياد البحث العلمي منذ ثلاث سنوات، يختص بالمبدعين والمبتكرين من أبناء المحافظة، وتحت إشراف الأستاذ عبد الكريم العليط، مدير مكتب تعليم القطيف، إضافة إلى تبني النادي افتتاح فصول نموذجية للموهوبين بمدينة سيهات، وجمعية سيهات قدمت العديد من المبادرات واللجان المحلية، منها مهرجان الوفاء ولجنة السلامة المجتمعية وبرامج الأسر المنتجة ولجنة تكريم الدانات.
هذه المبادرات كلها ليست كافية وليست بمستوى الطموح، والأهالي مطالبون بالمزيد من البرامج والأنشطة، والمؤسسات الرسمية كالنادي والجمعية مستعدة لاستيعاب أي نشاط أو مشروع، لأن ذلك من علامات رقي مجتمعاتنا، ويساهم في بناء أبنائه، ويحل مشاكل قسم آخر منهم، من أصحاب الحاجات، فالساعي في خدمة أخيه المسلم، كالساعي بين الصفا والمروة، وبالله التوفيق.