أكد الاختصاصي النفسي ناصر الراشد أن الأسرة ثروة وطنية استقرارها ينعكس على المجتمع ويطوره، وأن قضاء وقت ممتع مع العائلة ينعش العلاقة الأسرية ويعتبر مصدرًا لظهور الفضائل الإنسانية التي يتوجب من خلالها البحث عن البهجة والسرور داخل أسوار منازلنا وخلق التنافس في إسعاد أفراد الأسرة مع بعضهم، منوهاً بأن التواصل العاطفي والمعنوي يزيد من الروابط الأسرية ويحفز مناطق الأمان بالدماغ.
جاء ذلك خلال ورشة عمل للممارسين الصحيين بالصفوف الأولى وقدمها الراشد عبر منصة زوم الإلكترونية بعنوان “وقت ممتع مع العائلة”، وذلك يوم الاثنين 8 يونيو 2020.
وبيّن الراشد أن الحضن والمعانقة من أفضل طرق التعبير عن المشاعر وتحقيق فوائد تؤثر إيجابياً على صحة الإنسان الجسدية والنفسية بسبب هرمون الأوكيستوسين الذي يلعب دورًا كبيرًا في الحد من خطر الإصابة بأمراض معينة ويعزز من المشاعر الإيجابية.
وأوضح أن الشخص الانبساطي يُظهر الانفعالات الإيجابية من حب وسعادة وابتسامة بسهولة ويكون بذلك حسن المعشر ويسهل الاقتراب منه، بينما العصابية مضرة بالعلاقة الزوجية وتكون مصدر قلق واكتئاب دائم وتؤثر على الوقت النوعي ولا يستطيع العصابي أن يضبط مشاعره، مشيراً إلى أن الأبناء يكتسبون القيم العائلية والاجتماعية من الأسرة.
وأضاف أن الأسر التي تكون فيها قيمة التعاون عالية وتعتمد على توصيل المشاعر الإيجابية وإظهارها باستمرار في العلاقة الزوجية عند التواصل يعيش أفرادها براحة وأريحية، مشيراً إلى أن بعض الأمهات العاملات يُبالغن بالحماية والدلال الزائد مع أبنائهن لتعويضهن وهذا بدوره يفاقم المشكلات.
وأشار الراشد إلى أن التفاعل الأسري لا يعتمد على المهارات بل يعتمد على المكون النفسي ومن تكون لديه قوة التحكم في الغضب وتقليل التأثير السلبي عندما يشعر به ولا يجعله يؤثر على يومه وعلاقاته مع أسرته، منوهًا بأن وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية تقلل من مستويات السعادة.
ولفت إلى أن الإنسان يعيش مرة واحدة في الحياة ليعيشها بأفضل الطرق، فالعلاقة الأسرية هي المكان الأمثل لظهور الفضائل الإنسانية والاستمتاع بالوقت قدر الإمكان والحذر من النشاط النفسي السلبي، فالأسرة التي تتمتع بقوة صحية في قبول الاختلاف فيها وظهور المودة، وتتصف بالتشجيع والاحترام والمشاركة في اتخاذ القرارات تبقى أرضًا خصبة للإيجابية والبقاء في حالة اتصال دائم.
ودعا الراشد إلى أهمية المكون المعرفي بين أفراد الأسرة بإتاحة الفرصة لبعضنا البعض بالتعبير عن الآراء وعن المشاعر لقضاء وقت ممتع مع العائلة وتكوين علاقات عميقة غير قابلة للخدش، محذراً من استخدام التقنية الحديثة كوسيلة إلهاء للأطفال وإضاعة الوقت.
وأكد على أهمية إطالة وقت المشاعر الإيجابية وتقصير المشاعر السلبية بوعي وسلوك، مشيراً إلى أن إصدار الأحكام السريعة والاستنتاجات الخاطئة تجعل الوقت غير ممتع ويجب على الفرد تقديم أفضل ما لديه من خبرات عاطفية في هذا الوقت الأسري بعيداً عن التشوهات المعرفية.
وبيّن أن المشاعر السلبية ليست من صالح العلاقة الزوجية وإن مرت فيجب أن نجعلها مجرد لحظات عابرة وكذلك يجب السيطرة على ظهور السلوك السلبي والاندفاعات من خلال الأحداث اليومية وإيقاف فوضى الأفكار وضبط الحالة المزاجية والاحتفاظ بالسكينة والهدوء بمستوى مناسب مع معالجة المواقف بالإيجابية والمرونة.
وذكر أن الأسر الأكثر فاعلية تكون من قائمة الأولويات، فالأسرة تمثل الخط الأول في تشكيل شخصية الإنسان والداعم للحياة العاطفية وكذلك هي التي تضبط إيقاع المشاعر.
وقال: “يجب أن تكون أهدافنا الأسرية واضحة لنستطيع تكوين خارطة طريق لتحقيق تلك الأهداف وتكوين بيئة أسرية جاذبة وإيجابية”، مضيفاً أن الوقت النوعي يحمي من القلق والعدوان.
وتناول الراشد مهارات التواصل المخفض للضغوط بإظهار اهتمام المتحدث وتأجيل الرغبة في النصح قبل اكتمال الصورة، إضافة إلى الإنصات للطرف الآخر وإيصال الإحساس بأنك تشعر به ومنتبه لحديثه وتوظيف المشاعر بشكل صحيح.