وقفة مع السلهام.. بين القطيف والأحساء

فيما يتعلق بما نشره الأستاذ السلهام حول مسجد جواثا والذي حاول فيه الكاتب إثبات أن مسجد جواثا ليس في الأحساء وإنما في الرامس في القطيف واعتمد فيه الكاتب على نص جاء فيه: “هذا كتاب محمد رسول الله للعظيم بن الحارث أو العضيم بن الحارث المحاربي وإن له الجمعة من رامس لا يحاقه أحد وكتبه الأرقم”.

احتوى النص على لفظين وهما السبب من وجهة نظري القاصرة في وقوع الاشتباه عند الكاتب وهما الرامس وهي أرض معروفة في القطيف واللفظ الآخر هو محاربي على أساس أن عظيم بن الحارث هو من بني محارب. وبنو محارب معروفون في المنطقة، فتوهم أن الرامس المذكورة في الرواية هي رامس القطيف وتوهم أيضًا أن الرجل عضيم بن الحارث المحاربي هو أيضًا من محارب العبديين وهم مشهورون أيضًا في المنطقة. محارب بن عمرو بطن من عبد قيس. هو محارب بن عمرو بن وديعة بن لكيز. مشهورة منازلهم في القطيف وبلاد البحرين. قال ابن قتيبة في المعارف إن محارب ابن عمرو منهم أبان العبدي وهو أبان المحاربي ممن وفد على الرسول (ص) ومنهم مزيدة بن مالك المحاربي وعبيدة بن همام المحاربي. وفي الإصابة نجده سفيان بن همام المحاربي وغيرهم. وهؤلاء من الصحابة وكثير منهم وفد على الرسول (ص). ومن أراد أن يراجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم.

وبلاد محارب في المنطقة مشهورة والحموي في معجمه ذكر الكثير من القرى وهي قرى في البحرين وقال إنها لبني محارب ابن عمرو وهي معروفة مثل الرميلة والكثيب وغيرها من القرى ذكرت كثيرًا في معجم الحموي. غير أن الرجل المذكور في الرواية وهو عضيم بن الحارث المحاربي ليس من هؤلاء أي أنه ليس من محارب أو بني محارب العبديين إنما هو من بني محارب ابن حفصة وهؤلاء مضريون أما العبديون فهم من ربيعة كما هو معروف.

جاء في الطبقات لابن سعد (وكتب رسول الله صل الله عليه وآله لعاصم بن الحارث أن له نجمة من راكس لا يحاقه فيها أحد) وكتب الأرقم هذا نص أيضًا يربك الموضوع.

نص مشابه جدًا له هناك تصحيف في الاسم وتصحيف أيضًا في الموقع الجغرافي. وأيضًا في سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي كتب الرسول صلى الله عليه وآله لعاصم بن الحارث وسماه الحارثي أيضًا ولم يسمه المحاربي وأيضًا في الطبقات سماه الحارثي وليس المحاربي، قال: إن له نجمة من راكس لا يحاقه فيها أحد) كتب الأرقم. وبن حجر في الإصابة ذكر سواء بن الحارث بن ظالم بن حداد وهو من محارب بن خصفة وهذا سواء هو أخو العاصم المذكور سابقًا فعاصم هناك سماه ابن حارث الحارثي وهنا ابن حجر سماه محاربي.

وهنا نحن بحاجة إلى أن ننتبه إلى الكثير من الاختلاف في هذه الرواية مما يربك الكثيرين من الكتاب أو الباحثين ممن لم ينتبه لهذا الموضوع أو اشتبه عليه ذلك. ذكر ابن حجر عصيم بالتصغير وقال إنه ابن الحارث بن ضالم بن حداد وهو من محارب بن خفصة وذكر أيضًا ما قاله العباس بن عصيم ابنه وهو يفتخر بوفادة أبيه وعمه على الرسول صلى الله عليه وآله ولكن استدرك الذهبي وقال هو عظيم بالظاء وليس عصيم كما ذكر البعض. هذا يعني أن سواء بن الحارث بن محارب بن خصفة هو أخو عاصم أو عصيم المذكور ولكن يرتبك النص عند البعض. وهذا ما تنبه له صاحب كتاب مكاتيب الرسول صلى الله عليه وآله؛ أحمد الميانجي عندما قال: وإن عاصم بن الحارث الحارثي هو عظيم بن الحارث المحاربي أي هو شخص واحد فالأول قال: اقطعه نجمة من راكس، والثاني قال: أقطعه الجمعة من رامس وهذا ما كنا نريد التأكيد عليه أن الرجل ليس من محارب العبديين إنما هو من محارب بن خصفة وهم معروفون، قال ابن حجر في فتح الباري: وخفصة بفتح الخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء معروفون وهو محارب بن خفصة والمحاربيون من قيس ينتسبون إلى محارب بن خصفة المقصود بـ قيس بن غيلان ومنهم عابد أي عابد الله بن سعد المحاربي وفد على الرسول صل الله عليه وآله وقيل اسمه عائد الله ذكره عبد البر في الاستيعاب وفي مضر أيضًا محاربيون غير هؤلاء منهم ينتسب إلى محارب بن فهر بن مالك بن النظر. فليس كل محاربي عبدي هناك كثير من المحاربيين ينتسبون إلى مضر.

هناك أيضًا عندنا محارب بن صباح وهو من العرنيين وأيضًا محارب بن عمرو وهو من عبد قيس ولذلك قيل محارب بن خصفة للتمييز بين المحاربيين. إذا وللاطلاع للمزيد من المعرفة فعليه الرجوع إلى كتب الأنساب. وما زاد الأمر إرباكًا أن عضيم بن الحارث بن ضالم بن حداد المذكور أيضًا هو ذكر اسمه ابن ضالم بن حداد وأيضًا المحاربيون من عبد قيس فيهم ابن ضالم ابن حداد وإن كان يختلف في ضم الحاء أو كسر الحاء وهذا ما زاد الأمر إرباكاً عند البعض. الحدادي بضم الحاء هو نسبة إلى حداد بطن من القبائل . قال ابن حبيب إنه في كنانة ابن خزيمة حداد بن مالك وفي طي أيضًا حداد بن نصر وفي الأزذ حداد بن معن وفي عبد القيس حداد بن ضالم ابن عجل ومن وجهة نظري القاصرة هذا الأمر الذي زاد المسألة إرباكًا. وهناك الحدادي بكسر الحاء حداد وهذه النسبة لبطن من بطون محارب بن خصفة المذكورين وهذا هو المقصود عند هذا الرجل عضيم. وحداد بالكسر أيضًا بطن من حضرموت ويمكن مراجعة كتب الأنساب في هذه المسألة. في مسند أحمد قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله محارب بن خصفة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحرث حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، فقال: من يمنعك مني قال الله عز وجل فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صل الله عليه وآله، فقال من يمنعك مني قال: كن كخير آخذ، قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال: لا ولكن أعدك ألا أقاتلك فأخلى سبيله. هؤلاء المحاربيون من خصفة. ذكر البلاجري أيضًا في أنساب الأشراف غزوة بني خطفان أيضًا كان فيها محاربيون من خصفة بن قيس بن عيلان وهو معروف. ثم لا ينتهي الأمر عند هذا الحد من الإرباك بل هناك روايات أخرى قد غيرت رامز إلى فخ في تاريخ دمشق قال: (هذا كتاب من محمد لعظيم بن الحارث المحاربي أن له فخًا لا يحاقه فيها أحد كتب الأرقم) وأيضًا ذكروا (هذا كتاب من محمد صلى الله عليه وآله لعظيم بن الحارث المحاربي أن له المجمعة من رأس فخ لا يحاقه فيها أحد) ويمكن مراجعة كتب التاريخ مثل تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر وغيره. في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير وفي لسان العرب أيضًا قالوا فخ موضع عند مكة وهو أيضًا ما أقطعه النبي (ص) عضيم بن الحارث المحاربي.

هناك رامس وهنا فخ. الأسماء تختلف وتصحف وهناك الكثير من الاختلافات في هذا النص. في نهاية غريب الحديث قال أصل الرامس الستر وفي ذكر رامس بكسر الميم موضع في ديار محارب كتب به رسول الله صلى الله عليه وآله لعظيم بن الحارث وأيضًا جاء في ترجمة الأرقم لأنه هو الكاتب في السيرة النبوية وابن كثير وغيره وفي البداية والنهاية قال أسلم قديمًا إلى أن قال كتب أقطاع عضيم بن الحارث المحاربي بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بـ فخ، هذا في السيرة النبوية لابن كثير وفي البداية والنهاية. فأين الرامس من هذا كله. هناك إرباك كثير في النص وهناك بحث طويل في هذا الموضوع. ولذلك ومن وجهة نظري القاصرة فلا يمكننا التعويل على هذا النص لكي نثبت أن جواثا هي الرامس في القطيف. حتى إنه قال في ديار محارب ولم يقل في البحرين. وهذا الحموي أصلا عادة إذا ذكر القرى وهي من البحرين يقول بأن هذه القرية في البحرين فكيف بمنطقة أو ماء بالقرب من القطيف أو تقع في خاصرة القطيف ثم لا يذكر قربها من القطيف أو لا يذكر أنها من البحرين؟!


error: المحتوي محمي