التعاون والتكاتف والوقوف يداً واحدة هي من مقومات المجتمعات الواعية والمتحضرة في مختلف المناسبات والأوقات التي تتطلب لم الشمل ووحدة الصف والعمل ككتلة مجتمعية مترابطة، خاصة في الأزمات التي لا يأتى حلها إلا بالتفاهم والتجانس والصدق والجدية ليكون المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
نحن وفي عمق هذه الأزمة واستمرارها، وتقديراً للجهد الخارق التي بذلته وتبذله دولتنا المعطاءة برعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله، حريُّ بنا وتزامناً مع ذلك أن نتعاضد ونعمل كمجتمع واحد بما يوازي ذلك على تخفيف الأعباء والتبعات الحتمية المترتبة على ما يعكسه الوضع الخانق الذي نعيشه.
لنكن جديين وعمليين في محاولة تفهم وتقدير الأوضاع المعاشة، وخاصة من أولئك الذين يديرون عجلة الحياة، من أجل استمرارها، وذلك بتوفير متطلبات المواطن وحاجاته الضرورية والمطلوبة يومياً، وهي متوفرة ولله الحمد، ولم تتناقص خلال عمر الأزمة وإلى الآن، ولكن هناك الكثير مما يجب الالتفات إليه، وضرورة تسهيل الحصول عليه، وأن تراعى أسعاره السوقية، ففي ظل ما نمر به فإن من البر والإحسان، والأخذ بما يرضي الرحمن، أن يرضى التجار والعمَّار ومختلف الساعين، بالربح القليل طلباً للثواب الجزيل من الرب الجليل، وأن يخففوا الأعباء عن كهول المواطنين والتي تزيد يوماً عن يوم، وهذا أمر لا يتأتى إلا بتفهم القائمين على تأمين احتياجات المواطن، ولقمة عيشه، مع الأخذ بالاعتبار تفاوت المداخيل، وحالات العسر التي يعاني منها الكثير بسبب الشح المادي الذي أطل برأسه نتيجة التوقف عن العمل أو الخصومات من الرواتب أو قلة المردود أصلاً، إضافة للفقر وانعدام الحيلة.
بالمقابل على المواطن أن يتفهم حال التاجر جملة وتجزئة، كذلك المورد والمصدر وخلافهم، الذين انعكست عليهم التبعات أيضاً، فمن حقهم أن يكسبوا من وراء تجارتهم والتي نالتها المخاطر أيضاً، وهو حق مشروع بلا شك.
لذا نقول كما بدأنا أن التعاون هو المطلوب، والانصهار في لحمة واحدة هو الغاية المنشودة، وأن نفهم بعضنا ونتعايش وسط أحوالنا بالتراضي، فلا ضرر ولا ضرار، ولا جشع ولا بخس، وبذلك تسير الحياة في مأمن ودون ظلم أو خسران.
ما يجب علينا نحن كمواطنين هو أن نقدر ونتفهم الوضع السائد الذي يعانيه الجميع، وليس الدولة وحدها والتي خسرت الكثير في سبيل ألا يتضرر المواطن، ولا تتوقف عجلة مؤسساتها ومصالحها عن الدوران، وفي المقابل الأهم هنا تفهم الطرف المعني الأول، من يُفترض أنهم المؤتمنون على الأرزاق والاحتياجات ومن سخرهم الله عز وجل للقيام بذلك، وأن يؤخذ بالتيسير لا التعسير طريقاً للربح، وهو عائد عليهم لا محالة، وهذا التيسير يتطلب توفير الحاجات اليومية في وقتها وبكمياتها المطلوبة وقيمها المعقولة والمتأنية لجميع فئات المجتمع، فلا يعقل أن تتفاوت الأسعار، أو ترتفع أضعافاً، أو نبحث عما نريد بمشقة وصعوبة فلا نجده بسبب تخزينه أو شحه أو انعدامه أصلاً، دون سبب مقنع، ولا مجال للتفصيل، لأن الأمثلة تتكاثر مع امتداد الأزمة، وليس آخرها الأدوات الوقائية المطلوبة لتفادي الإصابة بالوباء لتصل إلى قطعة القماش (الكمامة الواقية) والتي أصبح توفرها شبه محال، ولا يتأتى الحصول عليها من كل أحد وبقيمة غير معقولة.
نود أخيراً أن نقول أيضاً أن تكون الاحتياطات الصحية التي تتخذها المصالح المفتوحة أكثر ديناميكية وسهولة وبترحات وابتسامة، لا أن ندخل المستشفى أو المتجر أو السوق المغلق أو غيرها وقد تملكنا الرعب والخوف، من كثرة الاحتياطات والإجراءات وكأننا مشبوهون، فالأوضاع النفسية عند البعض لا تتحمل بعض التصرفات والتي ربما تعود عليهم سلباً، فالمواطنون متجاوبون في غالبهم الأعم مع الإجراءات المتخذة، ويبقى التعامل الحضاري والإنساني معهم مندوبًا ومستحسنًا.
نراقب أنفسنا وإن تعذرت مراقبة الأفعال، ونتقي الله للنجاة دنيا وآخرة، ولن يبخل علينا سبحانه بمنه وجوده ورحمته متى ما راعينا بعضنا وتعاونّا واتخذنا أوامره طريقاً للعدل والإحسان، وشكرناه في السراء والضراء، ودعوناه ليكشف عنا هذه الغمة قريباً عاجلاً، وهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.