
بصفتي من ذوي الإعاقة “أصم”، حاصل على درجة ماجستير في إدارة الأعمال، من جامعة لامار، أعمل مدير المحاسبة في شركة خاصة، مدركًا أهمية الجودة، والخدمة في خلق رابطة ثقة متبادلة بيني وبين زملائي، والحاجة الملحة لمترجم لغة الإشارة، بأن ينظر المترجم إلى لغتي، باعتبارها جزءًا من شخصيتي، متخذًا من ترجمة إشاراتي إلى الكلمة المنطوقة، التي تتسم بالوضوح، بعيدًا عن كل ما يشوبها.
وفي وضوح الترجمة، دقتها، وطريقة أدائها، ينبغي التأكد أن المترجم لديه المهارات اللازمة لأداء وظيفته، لإيصال كلام الأصم بكل حذافيره، إضافة إلى تجسيد انفعالاته.
وعليه، فإن تدريب وإعداد المترجمين المباشرين للغة الإشارة، وتفعيل خضوعهم إلى اختبارات لضمان الجودة، وتقييم الكفاءة، فإن من أخلاقيات الدراسة والعمل لدى المترجم لفئة الصم؛ ترجمته كلمات الأصم مما لا يؤثر على سمعته، بكونها لسان الصم الناطق.
المترجمون المباشرون للصم، ما عملهم؟
يعمل المترجمون المباشرون للصم، على مساواة التواصل بين الصم والأسوياء، وهذا يتطلب مترجمًا مؤهلاً، لا يعرف فقط لغة الإشارة، بل يحتاج لمعرفة لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، والحركة، والوضع، والمساحة، على الرغم من أن هذه الإشارات، يتم تطبيقها بشكل مختلف في لغة الإشارة عن اللغة المنطوقة، لذا من الأهمية أن تكون بنفس الدقة والجودة المطلوبة، حيث من الضروري أن يتمتع مترجم لغة الإشارة، بطلاقة وكفاءة في كل من اللغات المنطوقة والوصفية، ويعيش ذاتية الأصم، ويجعل من نفسه رديفًا له.
إن لغة الإشارة مثل اللغات الأخرى، بما تحتوي من بنية فريدة “ترتيب الجمل” و”القواعد”، لهذا السبب، يتعين على كل مترجم أن يتعلم ليس فقط لغة الإشارة، بل هيكلها كذلك.
عندما تتم الترجمة للصم، في وقت تحدثهم، تفقد الترجمة قيمتها، بل يجب على المترجم، أن ينتظر، حتى ينتهي الأصم من جملته، ثم يبادر بترجمة ما يقوله، حتى تأخذ الترجمة قيمتها الصحيحة، كما يجب ألا يأخذ المترجم دور المذيع أو مدير الندوة، بل إن عمله يقتصر على الترجمة فقط، كي لا يشتت تفكيره عن عمله الأساسي وهو الترجمة.
من الضروري أيضًا، أن يعامل المترجمون للإشارة الشخص الأصم الذي يترجمون له معاملتهم للأجنبي، الذي يترجمون له من اللغات الأخرى، أن تتم الترجمة بشكل ميداني، والكتاب، هو مجرد أداة لاستكمال التعلم، فتخيل أن طفلًا سويًا، يتعلم لغته من خلال دراسة كتاب؟ ستكون الكلمات خارج السياق، ويضيع الطفل في كيفية تطبيق هذه الكلمات.
إن تعلم لغة الصم، لا تختلف عن اللغة المنطوقة، لأن الصم، ككائنات اجتماعية، يستخدمون اللغة بنفس الطريقة، للتعبير عن العواطف، والأفكار وتلقيها، واكتساب المعرفة، ونشرها، والانخراط مع الآخرين وقبولهم، والانتماء إلى مجتمع، ويفضل أن يتم تعليمهم من قبل الصم.
إن عدم إتقان الترجمة، يحط من اللغة الوصفية، ويسيء للأصم وثقافته، ولا ينصفه، فكم نحتاج للالتزام بالبروتوكول، “إرشادات محددة”، لتقديم أفضل خدمة للصم، وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما يكون هناك مترجم في العمل، فإن مسؤوليته الوحيدة هي ترجمة ما سيقوله الأصم، حينها يجب ألا يشتت انتباه المترجم من خلال هاتفه، أو قبول المكالمات أثناء ترجمته، وإذا كان بحاجة للتحدث مع الآخرين الموجودين، فيجب ألا يكون هناك فرق في الترجمة للصم، وغيرها من التواصل، فإن الأصم مكون من مكونات المجتمع، وينبغي الاهتمام به، خصوصًا فيما يتعلق بالترجمة، لأنها تمثله.
إن المترجمين المعتمدين ذوي المؤهلات العالية، وجودهم، يمثل أمرًا بالغ الأهمية في علاقاتنا مع بعضنا البعض، كمواطنين، لأنه يوضح أنه ينظر إلينا، كشركاء متساويين في المجتمع.
ما الحل؟
إن الحل الفوري، الذي يواجه الصم، فيما يتعلق بكفاءة المترجم، والثقة بكفاءته، يكمن في الحصول على ضمان جودة للمترجمين الفوريين، يتم إنشاؤه من خلال برامج الكلية، والاختبارات الموحدة، وأن يعمل المترجم المباشر في فريق للتأكد من مهارته، مما يتيح ذلك الحصول على تغذية راجعة، ومفيدة، وتلقائية من مترجمين آخرين، ويساعد على ضمان جودة الترجمة الوصفية، وغرس الثقة بين الصم والترجمة، والمساعدة في ضمان تسليم الترجمة ببلاغة تستحقها لغتنا.
والخيار الآخر، أن يلتقي المترجم مع الأصم، قبل الحدث، ويسجل العرض التقديمي على مسجل صوت، ويتم التنسيق بينهما، والتأكد من دقة التسجيل من قبل الآخرين، بحيث يتم تشغيل التسجيل بدلاً من ترجمة المترجم، وهو أفضل من إحراج الشخص الأصم، بالترجمة بشكل سيئ، أو الوقوع في أخطاء صارخة.
إن المترجمين هم صوت الصم، لذلك نطلب تمثيلنا بشكل صحيح، يطلب مجتمع الصم فقط قبولهم واحترامهم، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بقبول لغتنا، على قدم المساواة مع اللغات المنطوقة، فعندما نطلب مترجمًا، لا نطالبه بمشاهدة أيدينا فحسب، بل مشاهدة وجوهنا أيضًا، وأن يرى الشغف الذي نعبر عنه من خلال كل حركة نقوم بها، وأن ينظر في أعيننا، ليرى كمية العشق الذي نكنه للغتنا.
نحن فئة لدينا مجتمعنا ولغتنا وثقافتنا الخاصة، نعم، نحن غير قادرين على الاستماع لكم، ولكن يمكنكم التحدث معنا إذا أحببتم ذلك، وكذلك لغتنا ليست مدعاة للشفقة علينا، ويجب معاملتنا باحترام، كأفراد يستخدمون لغة مختلفة.