
لا تؤجل حياتك.. ولا تسجن نفسك، ولا تختزن سنين عمرك.. ولا تدخر جهدك.. ولا تبخل بما في وسعك.. ولا تسوف في العطاء، أو تمتنع عن الإيثار.
كن أنت، وكما تود أن تكون ويطول بقاؤك.. ولا تضِع عمرك هدراً، وأيامك نثرا، تتطاير مع الرياح، وتتناسى مع توالي الأيام.
فالعمر لا يحتسب بسنينه المتصرمة أو تلك المتبقية مجهولة، إنما بما عملت وأنجزت وتعلمت وعلمت فيها.. وبما تخلف وراءك من ذخر ومنافع لغيرك وبالتالي لنفسك، هنا العمر فقط يبقى ويطول بلا نهاية، لأنك سوف تعيش الأعمار كلها.
سوف تتعاقب الأجيال، ويلتقيك الجيل بعد الجيل، وتحيا بينهم أستاذًا وملهمًا وناموسًا وقاموسًا وتكون مثلًا وامتثالًا. ومهما أتى غيرك فإنك تتجذر وتقوى لأنك امتداد لسابق وانطلاق للاحق.
اخرج من سجنك، وأطلق العنان لقدراتك ولا تكبتها ترددًا وخشية وبخلًا، فما فائدة ادخارك لعلمك ومعرفتك ومالك وقدراتك وهي تدور حول فلكك وحدك.. فلابد لابد أن تشرق شمسك ويضيء حضورك ليصنع لغيرك العزيمة والدافعية وهو نور لن ينطفئ أبدًا.
لابد أن تكون شيئًا، وتسجل اسمك على المنابر وفي المحافل والمكاتب والمدارس والجامعات والجوامع والدساتير.
وإن قلت لا أملك، فانطلق وبادر وحاول أن تملك، فالرحاب واسعة والأرض غنية، ما عليك سوى أن تحفر وتحرث وتزرع، وسوف ترى نبتك يتبرعم ويكبر ويتغصن بامتدادات الألق والإبداع، ولسوف يثمر على قدر الجهد والاجتهاد ولن يكون الثمر بأقل من الغايات المنشودة.
التقاعس والتردد والانغلاق ليس من جبلة الآدميين، وهي موت وسط حياة، وحياة في قعر موت، فلا معنى للوجود هنا بين الأحياء، الأحياء الذين يحركون الحياة ويحيون جنباتها بوفرة ما ينتجون ويبدعون ويقدمون لها ولأبنائها لتستمر ويستمر معها الذين ساهموا ويساهمون في طول بقائها وترفع لهم القبعات وتنصب لهم الرايات عرفاناً بما قدموا، واستحقوا أن يخلدوا، وهو نصيب باقٍ لا يضيع، لا في دنيا ولا في آخرة.. فالجزاء لا يضيع.