
أثار موضوع القلق عددًا من المتابعين لتقديم محاضرة حملت عنوان “المقارنة والنسبية”، حيث طرح المحاضر خلالها مجال المشاركة للمتابعين فقدم الكثير منهم استفسارات حول التعريف العام للقلق وكيف نتغلب عليه؟!
وأجاب المحاضر (رضا الحواج) بأن القلق بصورة عامة هو التركيز على الأمور التي لا نستطيع التحكم فيها بدلا من التركيز في الأمور التي نستطيع التحكم فيها ومحاولة تطويرها والسعي في ذلك حتى نتغلب على مسألة القلق.
وأوضح (الحواج) أَنه في حال ازدياد حالة الاكتئاب لدى المكتئب فلابد من مراجعة طبيب نفسي، ولكن قد يكون القلق والاكتئاب كردات فعل فالعقل يرسل إشارات بأن هناك شيئًا غير طبيعي فلابد من إيجاد حلول للمشاكل الموجودة.
وذكر أنه من الطبيعي في الوضع الراهن أن يشعر الناس بالقلق فمنهم من خسر وظيفته ومنهم من انقطعت علاقاتهم الأسرية وفئة منهم مريضة، وقال: “لذا وجدت أن من الضروري أن نركز على الأمور الإيجابية في حياتنا وسيساعدنا ذلك بشكل كبير”.
جاء ذلك خلال محاضرة (المقارنة والنسبية) التي قدمها اختصاصي علم النفس (رضا الحواج) على قناة (مشكاة) للتنمية البشرية يوم الأحد ٢٣ رمضان ١٤٤١هـ،.
وبيّن أن المقارنة شيء ضروري ومهم لاتخاذ القرارات في حياتنا اليومية، فمن دون القدرة على المقارنة تتعطل الحياة. وأشار إلى أن الإنسان الذي يملك القدرة على المقارنة الإيجابية وترك السلبية ستكون له إنتاجية أكثر عكس الذي يتخذ مقارنات سلبية تنعكس حتما عليه.
وعرف (الحواج) العقل بأنه ماكينة للمقارنة، وإن الله عز وجل أنعم علينا بالذاكرة التي من خلالها نجمع المعلومات ونستذكر الأحداث التي حصلت في الماضي، فالعقل يرجع لجميع الأحداث الموجودة في الذاكرة بشكل أوتوماتيكي، ونوه إلى إحتمالية أن تكون المقارنة إيجابية أحيانا وسلبية أحيانا أخرى فهي بشكل عام ليست على وتيرة دائمة.
وتطرق إلى أن الإنسان يحتاج في المقارنة النسبية لاتخاذ قرارات وأن كثيرًا من الأحيان تكون المقارنة غير منطقية، وأخبر أن المقصود بالنسبية أننا لا نملك القابلية لنقدّر قيمة الشيء بصورة مطلقة دون ربطها بأمور أخرى موجودة سواء كانت (بضائع – أشخاص – رواتب) وغيرها.
وتحدث (الحواج) عن المقارنة بشكل عام (فيما نملك وفيما لا نملك) مؤكدًا أنه في غالبية الوقت تكون المقارنة فيما لا نملك ونسيان الأمور التي نملكها.
وذكر أن هناك مصطلحًا في علم النفس ينص على أنه بعد كل تجربة معينة نخوضها ونتعامل مع تبعاتها من الطبيعي جدا أن نفكر في السيناريو الذي حدث ونبدأ برسم أكثر من سيناريو في مخيلتنا سواء إيجابي أم سلبي.
وعدد طرق مقارنة أنفسنا بالآخرين وحصرها في طريقتين إما أن تكون مقارنة أنفسنا بمن هم أفضل منا أو مقارنة أنفسنا بمن هم أقل منا.
وقدم (الحواج) نصيحتين في غاية الأهمية؛ أولا يجب أن نكوّن علاقات مع أشخاص أفضل منا ونطمح أن نكون مثلهم أو نكتسب بعض المهارات الموجودة لديهم؛ وَالهدف من ذلك التعلم منهم مع وجود الإيمان بأننا نملك القابلية للتحسن، ثانيا أن نكوّن علاقات مع أشخاص أقل منا بهدف قيامنا بتعليمهم.
واستطرد حديثه مبينا أنه بسبب التقارب الموجود في المجتمع وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي أصبح من السهل جدا أن نقارن أنفسنا وأبناءنا وأزواجنا بالآخرين مع التركيز على أنهم لديهم أفضل مما لدينا، وبين أن هذه مقارنة غير منطقية ولها تأثير سلبي علينا.
وقال (الحواج): “لكي تكون المقارنة منطقية لابد من تقييم الوضع بشكل كامل سواء (الوضع المادي – الصحي – الأسري)، والأخذ بالأمور التي نركز عليها ونهمل البقية”.
واستشهد بمقولة الإمام علي عليه السلام “لا تنال نعمة إلا بزوال أخرى”، فبمقارنة أنفسنا مع الآخرين في أمور ترى ظاهريا وأمور قد لا ترى يجب أن يكون تركيزنا على الأمور التي نستطيع تغييرها بغض النظر عن ما يمتلكه الآخرون.
وأخبر أن التغلب على قلق المقارنات يكمن في وجود عقلية للتعلم قابلة للتطور، وبيّن أن المقارنة تكون محمودة إذا كان الغرض منها التعلم وتكون مقارنة سلبية إذا لعب الشخص دور المظلوم.
وأكد (الحواج) على كتابة ثلاثة أمور نحمد الله عليها فور الاستيقاظ من النوم في ورقة وكتابة ثلاث أمور حدثت خلال اليوم قبل الخلود للنوم ووضعها بجانب السرير لها أثر إيجابي كبير جدا علينا.
وأشار إلى أنه من المهم جدا الابتعاد عن المقارنة السلبية بين الأطفال خصوصا بين الإخوان في البيت الواحد، وتعليمهم المقارنة الإيجابية ونسخ النجاح بتقليد الأمور الجيدة.
واستدل بعدم سجود إبليس لله بسبب المقارنة فأبى واستكبر لأن الله خلقه من نار وخلق آدم من طين ظنا منه أن له الأفضلية حيث قال {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُم مِنْ طِيْن} فكان مصيره الطرد من رحمة الله.
وختم (الحواج) كلامه بقوله: “سوف ترى الأمور التي تبحث عنها، فكما كانت رؤيتك للأمور ستجدها سلبية كانت أم إيجابية”.