كن كريماً بعفوك..

لابد أن نتجرد من قسوة النفس وطغيانها في مواضع القهر والألم والانتقام، لابد أن نَحثها على الرحمة التي ملأ الله الأكوان بها، ونُصيبها بالعطف في عواقب فعلها.

فيكون العقابُ منا أدباً لا انتقاماً، والقسوة منا رحمةٌ لا أذى..! أعلمُ أن بعض الألمِ فظيعٌ  لا يُمكن تحمله، وبعض الخذلان مرعب لا يمكن نسيانه، يعتصرك حد الوجع، ينتشلُ قلبك من جوفك، يُدمي روحك، يجعلك تصرخُ الألمَ غصاتٍ بغصات، مرميًا على قارعة الذكرى، خاوي القوى، عاجزٌ عن التعبير عما جرى.

تبكي ألماً حينما تُثير كرامتك أوجاعك، تنتفضُ حينما يمسُ الحزن ماء وجهك، يعززُ الشيطان لك إنتقامك، إلى أن تغطي الأحقاد بياض قلبك، إلى أن تسود الظلمة عالمك، فيَأسر الغضب عقلك، ويسيطرُ الفقر على أحوالك، فتشعرُ بِالإهانةِ والذل عن جواهر منافعك، فتصيرُ كالمجنونِ تتخبطُ فيها بلا وعي، لا يرضيكَ أن تُنفق العفو، ولا يكفيك أخذُ حقكَ الذي ارتضاه الله لك.

تغشى الأحقادُ قلبك، إلى أن يعمرُ الشَّر فيه ويبني فيه بُنيانه، تسعى إلى الانتقام الذي لا وجه له ولا دين، فتصيبَ به من تصيب دون خوفٍ ولا عناية.

لابد لك من تأديب نفسك بما يرضى الله عنك لا بما يرضي غرورك ونفسك وهواك ، لا بما يرضي أعرافك وتقاليدك وعاداتك، إن الجهل بالأحكام والقضايا هو ما يجعل الأمور في الغالب تخرج عن السيطرة، ولا سيما إن كان بيننا من يهولُ ويعظم، من يسكب الماء على الزيت بحجةِ الحب والمساندة.

تعود أن تكون هادئأ حينما تعصفُ الحياة بك، ابتعد عن كل ما يقلقك ويؤججك، أغلق تلك المنافذ التي تؤثر بالسلب عليك، ابتغِ الحِلم في القرار وطنا،  والحكمة فيما أصابك خيرًا ومنفعة، كن القرار والكلمة، كن الفعل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى عنك.
كن مرناً في التعامل مع من حولك، عاقب من أساء إليك لِتؤدبه لا لتؤذيه وتنتقم منه، وإن استطعت كن كريماً بعفوك عنه، واعلم أن أفضل الإحسان عند الله هو الإحسان عن من أساء إليك.

البعض منا حتماً يستحق إعطاءه الفرصة الأخرى، لأن الخير الذي بداخلنا يريد ذلك بل لأن الله سبحانه يريد ذلك في حال المقدرة.. فلنحاول أن نمنح بعضنا البعض الفرص لعلنا نصل إلى ما نرجوه من المنزلة عند الله ومن المحبة والود بيننا..!


error: المحتوي محمي