التعليم والعمل خارج النمط

يأخذ الاهتمام الآني في بلدان العالم والمعني باستشراف المشهد المعرفي والاجتماعي والاقتصادي القادم، اشتغالا يتضمن الخوض في صياغة للأبعاد الاستراتيجية التي تمتلك القدرة المرنة على التحول من شكل إلى آخر في مجال التعليم ومجال العمل.

وباعتبار التكنولوجيا هي الحصان الأسود الذي يمثّل أهم أدوات المرحلة المواكبة للظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، نتيجة الوباء الجائح الذي تسبب في أعباء اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة عالميا، فإنّ البلدان الأكثر قدرة على تنمية الفعل التكنولوجي القادر على إتقان لعبة التحول المرن والانتقال من نمط تقليدي إلى نمط مشترك بينه وبين الرقمي أو نمط ثالث يتميز برقميته المطلقة، يُنتَظَر أن تكون عائداتها الاستراتيجية هي الأكثر أمانا ونجاحا سواء فيما يرتبط بجانب التعليم أو ما يتعلق بقطاع العمل.

ما نعيشه فعليا من تحول شبه تام نحو تسخير مفهوم الحياة الرقمية في واقعنا الحالي، هو تسارع للانتقال إلى معطيات الثورة الصناعية الرابعة التي ستزيد في معدلات تصنيف البلدان بين منتج ومستهلك.

إن التجربة الحالية في التحول نحو تكنولوجيا التعليم عن بعد ورقمنة إدارة الأعمال خارج مكاتب الإدارات، يفترض أنها تمثل مؤشرات أدائية، يمكن الاستفادة منها عبر عمليات التقويم والمعالجة في الوصول إلى أكثر صور الأداء المتقن تدفقا ومتانة.

وأتذكر في حديث مع إحدى الصحف المحلية حول كتاب الثقافة التقنية للمعلم الفعّال، أشرت إلى أهمية الإعداد للانتقال إلى المعطيات القادمة للتعليم القائم على مفاهيم معاصرة، تكسر النمط وتزخر بالقدرة على صناعة الإبداع، المتمثل في إعداد المعلم وتهيئته منهجيا ونفسيا بأدوات التعليم المستقبلي.

والأمر ذاته ينطبق على قطاع العمل، بشقيه الخاص والعام، من تهيئة جميع البنى المعرفية والأساسية، والاستفادة من حجم الخريجين الجامعيين في جامعاتنا السعودية أو في برامج الابتعاث الخارجي، لما يمثله هؤلاء من قوة عملية أساسية يمكن عبر تهيئتها الوصول إلى قائمة البلدان المبدعة والملهمة في التعليم، وهو الموقع الجدير ببلادنا ضمن مجموعة العشرين.

وفي النبض الشبابي السعودي الحالي، يمكن أن نقرأ حجم الإرهاصات الواسعة التي تمثل استشرافا فعليا يتناسب مع جميع المعطيات المعاصرة المؤدية إلى جدوى بارعة، على حد تعبير علم بحوث العمليات.

وباستمرار عمليات التحديث والمواكبة المستقبلية في مؤسساتنا التعليمية وقطاعات العمل، تتجلى أهم روافد الانبثاق والتعزيز في جميع البنى المعرفية والاقتصادية والاجتماعية.


المصدر: آراء سعودية


error: المحتوي محمي