{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)}…
{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ(2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)}…
القدر هو الشأن العظيم، والتعبير بما أدراك ما ليلة القدر هو تنبيه لعظمتها ولعظيم ما أُنْزل فيها.
ليلة القدر هي تلكم الليلة التي بدأ فيها نزول القرآن الكريم على خاتم النبيين وسيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم). فعُظٔمت تعظيمًا للقرآن الكريم بل عظم الشهر بأكمله إعظامًا وإكبارًا لشأن القرآن الكريم.
وكتب فيه الصيام إعظامًا لهذه المناسبة وتهيئة النفوس لتحمل المسؤولية؛ مسؤولية الحياة كما بيّنها القرآن الكريم وما تتطلب من صبر وإيثار وتضحيات. فالصيام هو دورة في الصبر والإيثار.
وعظمت ذكراها على مر السنين، فكل ليالي القدر التي تلتها هي إحياء لذكراها. وفي الإحياء تحفيز لكل مسلم بأن تكون له في حياته ليلة قدر تسمو فيها نفسه إلى المعالي، فيكون كبيرًا بكريم أخلاقه وفي أهدافه وفي طموحاته وفي اهتماماته وفي دوره في الحياة وفي إنجازاته.
أن يكون كبيرًا في أسرته وفي مجتمعه، وأن يكون كبيرًا في عطائه وأن يكون كبيرًا في تجلده وصبره وتحمّله لمشاق الحياة وآلامها. وقبل كل هذا أن يحرص على أن يكون كبيرًا عند الله عز وجل.
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
فعمر خالٍ من الإنجازات الحسنة خالٍ من العطاء خال من تحسس حاجات الناس لا قيمة له إلا بقدر ما أنجز فيه ولو طال ألف شهر. فألف شهر (ما يعادل 83 سنة) هي عبارة عن عمر الإنسان.
فالأعمار لا تقاس بعدد السنين بل بالأثر الحميد والبلاء الحسن.