معلم موهوبين: ولى عصر الشهادات.. هل نحن جاهزون لوظائف المستقبل؟!

عرف معلم الموهوبين غسان الشيوخ الموهوبين بأنهم شريحة من المجتمع تتصف بخصائص ومواصفات غير عادية، فهم يعيشون بين ظهرانينا وبين أسرنا أحيانًا.

وذكر “الشيوخ” أن للموهوب في كثير من الدراسات والكتب تعريفات عديدة، ولكن التعريف الذي تتبناه المملكة العربية السعودية والذي يعد من التعريفات المشهورة، ينص على أن الموهوب هو الشخص الذي لديه استعدادات وقدرات غير عادية ويفوق أقرانه في أحد المجالات التي يقدرها المجتمع، خصوصًا في مجال التفوق العقلي والتفكير الابتكاري والقدرات والمهارات الخاصة.

وأضاف: “إننا نرى الموهوبين تارة في صورة طفلة تمتلك قدرة حسابية هائلة، وربما نراهم في صورة طفل مولع بالميكانيكا والفك والتركيب، وتارة ثالثة قد تكون في صورة طفلة شديدة التركيز لها قدرة كبيرة جدًا على عرض واستذكار كل يومها بأدق التفاصيل”.

ونوه إلى أن تلك مجرد أمثلة، وأن الطالب الموهوب هو الذي يتعامل في حياته وفي المواقف التي تعترض سبيله بصورة تختلف عن الآخرين.

جاء ذلك خلال استضافة “الشيوخ” في برنامج “أمسيات رمضانية”، يوم الأحد ١٠ مايو ٢٠٢٠ م، في لقاء بعنوان “رحلة بمواصفات خاصة” بمشاركة ٤ من الطلبة الموهوبين على منصة “زوم”.

وتضمنت الورشة ثلاثة محاور أساسية هي؛ 5ws للموهوبين، والإثراء المعرفي المهاري، ورحلة ٦٠٠٠ ميل.

وتطرق “الشيوخ” إلى المنحنى الجرسي أو المنحنى الاعتدالي الخاص بكل المجتمعات، فكل مجتمع فيه نوع من التوازن بالنسبة للأعداد.

وذكر أن ٦٨٪ من البشر في كل مجتمع أناس عاديون، و١٤٪ متفوقون، و١٤٪ بطيئو تعلم، في حين أن نسبة الموهوبين تقترب من ٢٪، وبعض الدراسات توصلها إلى ٣٪ أو ٥٪.

وبيَّن أنه لكي نتمكن من فهم هذه الشريحة من المجتمع بصورة أعمق، لا بد أن نجيب عن ٥ أسئلة، وهي ليست خاصة بفئة الموهوبين فحسب.

وأشار إلى أنه من المهم عند حدوث أي مشكلة معرفة من هم الأشخاص المرتبطين بها، والذين لهم علاقة بها وتضرروا منها، فجميع الأشخاص المرتبطين بالقضية ضمن من يحتاج منا ملاحظته.

ولفت إلى أن النقطة الثانية هي معرفة طبيعة المشكلة ومتى وأين ولماذا وقعت، وكل تلك الموضوعات أطلق عليها في اللغة الإنجليزية “5ws”.

وقال إن هناك عالم نفس أمريكيًا لخص ذلك في ثلاث دوائر، فيقول إن الموهوب يجب أن يتصف بثلاثة أمور هي؛ أن تكون لديه قدرة عقلية فوق المتوسط، وأن يكون لديه إبداع، بالإضافة إلى المثابرة.

وعدد أبرز الخصائص والصفات التي يتميز بها الموهوبون، فمن الناحية العقلية الشخص الموهوب لديه فضول معرفي كبير، ونموه العقلي أكبر من نموه الزمني، ويعشق المعرفة، ويحب المخاطرة.

وتحدث عن الناحية الجسمية فقال: “كان هناك في السابق اعتقاد خاطئ، وهو أن الموهوبين في الغالب يتسمون ويتصفون بالهزال الجسمي، ولكن الدراسات لاحقًا لاحظت بطلان هذا الاعتقاد بل على العكس الدراسات أثبتت أن الموهوبين بشكل عام هم أفضل قليلًا من حيث الصحة الجسمية من الأشخاص العاديين.

وأضاف أنه من الناحية الاجتماعية، قيل إن الموهوب لديه ذكاء اجتماعي، ولديه اهتمام بالقيم العليا، وحساس للمشكلات، وحنون وعطوف، ومن الناحية الوجدانية العاطفية يتمتع بمستوى عالٍ من التكييف والصحة النفسية بدرجة تفوق أقرانه، وسريع الرضا إذا غضب، ولا يميل إلى التعصب والتحامل، لكنه في المقابل عنيد ولا يتخلى عن رأيه بسرعة.

وسلط الضوء على البرامج الإثرائية التي تعطى للطالب الموهوب، فقد تكون في فصول خاصة ضمن مدارس الشراكة التابعة لمؤسسة “موهبة”، وقد تكون في “فصول موهبة” التابعة لوزارة التعليم وإدارات ومراكز تعليمية، وهناك أيضًا المقرات المحلية، والتي تكون خارج المدرسة ضمن مراكز وورش تعليمية ومستشفيات ضمن اهتمامات معينة، بالإضافة إلى المقررات الدولية، والتي أسمتها موهبة مؤخرًا “سفراء موهبة”، فالموهوبون يشاركون باسم موهبة خارج المملكة.

وأوضح أنها تنفذ إما أثناء الدوام الرسمي داخل فصول موهبة، وأحيانًا تكون فعاليات سنوية كأسبوع موهبة، مشيرًا إلى أنها وجهت الطلاب الموهوبين وقدمت لهم الكثير.

وقارن “الشيوخ” بين المهارات التي تعطى لطلاب التعليم العادي كالتذكر والتطبيق، فالمعلمون والمعلمات في التعليم العادي يناقشون ويركزون على تلك المهارات، في حين أن معلمي الطلاب الموهوبين يناقشون المهارات العليا كالتركيب والتحليل، ويناقشون تلك الموضوعات بعمق ويجمعون كل ما يستثير الطلاب ومهاراتهم وقدراتهم.

وتطرق إلى مهارات الموهوبين داخل فصول موهبة، فمنهم من صمم مشاهد كرتونية وأبدع في ذلك وقطع عشرات الكيلومترات لمدرسة أخرى ليشرح لفصل كامل كيفية تصميم المشاهد الكرتونية، ومنهم من قدم لزملائه تطبيقات في المونتاج والفوتوشوب.

وقال إن غالبية البرامج تستهدف المرحلة الثانوية فما فوق، وإن استهدفت المرحلة الأقل، فهي عادة برامج متعلقة باللغة الإنجليزية.

وأثنى على مهارات الطلاب الموهوبين في المرحلة المتوسطة، حيث يمتلكون القدرة على مناقشة مصطلحات من قبيل الذكاء الاصطناعي، وتنفيذ ورش ثم توظيفها في مشروعات إبداعية، منوهًا إلى أن أكثر ما يميزهم في كل مكان هو أنهم يتعرفون على تلك المهارات والقدرات والموضوعات بشكل أعمق، فبالتالي يكون تفكيرهم مختلفًا، فعلى سبيل المثال الموهوب يتعلم كيف يحدد أهدافه وأولوياته، ويتعلم كيف يواجه الأخطاء ويعرف كيف يزن بين إيجابياتها وسلبياتها بسهولة.

وأوضح أنه لا يجب أن نهتم فقط بالمهارات العقلية، بل لا بد أن نهتم بالمهارات الحياتية أيضًا، فقد ولى عصر الشهادات ونحن الآن نواكب عصر المهارات.

وأشاد بما قاله الكاتب أوليفر هولمز بأنه عندما يتمدد العقل لاستيعاب فكرة جديدة فهو لا يعود لحجمه الطبيعي، لافتًا إلى قوله “هذا ما نهدف به في الإثراء المعرفي والمهاري”، وقال: “نحن في مدرسة مؤتة لدينا شعار تبنيناه من عدة سنوات أسميناه مهن ووظائف المستقبل.

ووجه سؤالًا للجميع ووصفه بأنه مهم جدًا قائلًا: “هل نحن جاهزون الآن لوظائف المستقبل؟!”، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال من وظائف المستقبل القادمة بشكل أسرع مما نتصور؛ وظيفة “النقل ذاتي القيادة” كونها وظائف تتطلب المهندس والصناعة والصيانة، ونحن نحتاج أن يتعلم أولادنا عن العملات الورقية المشفرة، فمع الأيام وفي فترة قريبة سيقل استخدام العملة الورقية، وكثير من الوظائف ستندثر أو سيقل الطلب عليها، فإن كنا مستعدين لهذه الموضوعات حتمًا سنثير اهتمام أبنائنا بها.

ونوه إلى نقطة مهمة جدًا وهي ضرورة معرفة ميول الشخص لما يحب ويرغب ليعرف بشكل جيد اهتماماته وقدراته وميوله لكي يساعده ذلك في اختيار التخصص الذي يريده بسهولة.

وتحدث “الشيوخ” عن رحلته قائلًا: “بدأنا الفكرة بذهابنا إلى مملكة البحرين، وانتقلنا بعد ذلك إلى الجبيل ثم الرياض، بعدها أصبحت الفكرة تنضج بشكل أكبر للبحث عن برنامج معين وخاص بالطلاب الموهوبين، فقطعنا مسافة أكثر َمن ٦ آلاف كيلو مترات مربعة لنصل إلى ماليزيا.

وأوضح أن البرنامج أثناء الرحلة كان عبارة عن برنامج تقني مكثف لمدة ٦ ساعات متواصلة يوميًا والاستراحة مدة قصيرة، وحتى لا يشعر الطلاب بأن التجربة مملة، كان هناك بعض من البرامج المتنوعة السياحية والترفيهية.

وبين أن الطلاب اكتسبوا خلال الرحلة الكثير من المهارات الحياتية الشخصية كالاستقلالية والاعتماد على النفس في المواصلات العامة والتعامل مع اللافتات الموجودة في المطارات، والقدرة على إدارة الأمور الشخصية في السكن من غسل ملابس وكي وغيرها.

وذكر أن لغة “بايثون” كانت من ضمن الموَضوعات التي تطرقوا إليها، وهي من اللغات الهامة الواعدة، حيث تعلم الطلاب كيف يستخدمون ويبرمجون وينفذون بعض المشاريع، كما كان لمشروعات “أردوينو” و”إم آي تي” دور في تدريب الطلاب آنذاك.

من جانبه، ذكر الطالب الموهوب رضا مفيد الهجلس، في مداخلة له، أن تجربة موهبة بالنسبة له ممتعة جدًا، وأن أكثر ما يميز الطلاب الموهوبين عن طلاب التعليم العادي هو الدورات والورش التعليمية التي تقدم لهم، ومن ضمنها تلك التي أقيمت في مركز “فاب لاب المستقبلي” كتعلم التصميم ثلاثي الأبعاد بطبعة ثلاثية الأبعاد، وهو عبارة عن مجسمات يقوموا بتركيبها فوق بعضها البعض، ومن ثم تصميم المجسم الذي يرغبون به ثم تحويله إلى طبعة ثلاثية الأبعاد.


error: المحتوي محمي