الألماس يتكون من ذرات كربون وكذلك الفحم من ذرات كربون، بينما الألماس غالي الثمن يرفع اقتصاد الدول أعظم كنوز الأرض بينما الفحم والجرافيت أبخس الثمن يستخدم في أقلام الرصاص، حيث كلاهما يحتوي على نفس الذرات، لكن الفرق في التكوين والنشأة. حيث الماس لم يأخذ مكانته من التطور والارتقاء حتى وصل إلى أغلى معدن في العالم تحت ظروف عادية!
الكربون قبل أن يتحول إلى كنز ثمين مر في ظروف بيئية قاسية واستطاع تحملها إلى أن أصبح جوهرة ثمينة، حيث عنصر الكربون صمد في الجلوس تحت عمق 100 ميل تحت سطح الأرض، في تأثير درجة حرارة عالية جدا تصل إلى ألف درجة مئوية وضغط 20 جيجا باسكال؛ ما يعادل وزن خمسين ألف كيلو جرام لمدة طويلة تصل إلى ملايين السنين، بينما الفحم والجرافيت لم يتعرض إلى ظروف قاسية تحت الأرض. فالحياة القاسية جعلت ذرات الكربون مترابطة ومتماسكة وأصبح أغلى كنوز الأرض في لون بلوري مزهر، بينما الحياة المريحة لذرات الكربون شكلت الجرافيت والفحم في ترابط ذرات هشة وضعيفة بثمن بخس ولون كاتم معتم.
أخي/ أختي الكرام، دعونا ننظر بعيون فاحصة في رحلة الكربون، حيث نبصر بعض البشر توجد هشاشة في تركيبهم الأخلاقي وهزل في ثقافتهم، بينما البعض مثل الماسة تسطع أخلاقهم البلورية في إضاءة النور إلى من حولهم. القرار لنا نحن البشر، البعض لا يصمد أمام الظروف القاسية والصعبة ولا يريد أن يسعى ويزود القلب بالتقوى والعبادات ويجعل الروح مجاهدة في الترقي، ويتوقف في الارتقاء بنفسه حتى يكون موقعه عند مرحلة الفحم الرخيص. في الضفة الأخرى نبصر البعض، يتحمل الظروف القاسية، ويواصل الجهاد في تكامل النفس والارتقاء في أخلاقه حتى يصل إلى مرحلة الصلابة والنقاء والنور ويكون ألماسًا.
مرحلة الصلابة والتحمل تحت الضغوط والارتقاء في الأخلاق والصبر تتشكل في جوهرة الألماس داخل الجسم البشري، من البشر الذين صنعوا الجوهرة الماسية: الأنبياء والصديقين والصالحين حتى وصلوا إلى مرحلة الماس ونالوا نعمة الله، في قوله تعالى من سورة النساء الآية 69 {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا}، وكانت ومازالت ذكراهم الماسة التي تنيرنا بأضواء ترحالنا إلى عوالم الإيمان والأخلاق وبر الوالدين وعطاء المجتمع.