في قوله تعالى: (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي) الأنعام: 95.
وفي سورة أخرى قال تعالى: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) الروم: 19
السؤال: لماذا عُدل عن صيغة الفعل المضارع (يخرج) إلى اسم الفاعل (مخرج) في قوله تعالى: (مخرج الميت من الحي) من سورة “الأنعام”، بينما جاء بصيغة الفعل المضارع في سورة الروم (يخرج الميت من الحي)، وما هو الغرض البياني والفرق بينهما؟
الجواب
في سورة “الأنعام” جملة (مخرج الميت من الحي) معطوفة على جملة (فالق الحب والنوى)، فعُطفت جملة اسمية على جملة اسمية وليست معطوفة على جملة (يخرج الحي من الميت) لأنه يقتضي فساد المعنى كما سيأتي، فوجب أن تأتي بصيغة اسم الفاعل ليتطابق مع المعطوف عليه فالق الحب والنوى وليدفع توهم العطف على الجملة الفعلية (يخرج الحي من الميت).
بينما في سورة “الروم” جملة (يخرج الميت من الحي) معطوفة على جملة (يخرج الحي من الميت)، فعطف جملة فعلية على جملة فعلية على الأصل، وهو محل اتفاق جمهور النحاة.
وهنا يأتي سؤال؛ لماذا جعلنا جملة (مخرج الميت من الحي) معطوفة على (فالق الحب والنوى) ولم نجعلها معطوفة على جملة (يخرج الحي من الميت) فتأتي بصيغة المضارع في كلتا الجملتين فتكون كالآية في سورة “الروم”؟
الجواب
لأن عطفها على الجملة الفعلية يلزم منه فساد المعنى لأن جملة (يخرج الحي من الميت) حال لجملة (فالق الحب والنوى)، فهي مبينة لها والمعنى أن الله فالق الحب والنوى حالة كونه يُخرج الحي وهو النبات والأشجار من الميت وهو الحب والنوى، فلو عُطفت عليها جملة (يخرج الميت من الحي) تكون حالاً ثانياً فيلزم التناقض لأنها عكس الحال الأول، فيفسد المعنى فيكون الحي ميتاً والميت حياً في نفس الوقت، فلذلك وجب أن تكون جملة (مخرج الميت من الحي) معطوفة على جملة (فالق الحب والنوى)، ويكون المعنى أن الله فالق الحب والنوى حالة كونه يخرج الحي (الأشجار والنبات) من الميت (الحب والنوى)، وهو مخرج الميت (الحب والنوى) من الحي (الأشجار والنبات).
بينما في سورة “الروم” صح عطف الجملة الفعلية على فعلية، والمعنى عام يشمل جميع المخلوقات التي من شأنها الحياة والموت، أي أن الله قادر على أن يخرج الحي من الميت، وقادر على أن يخرج الميت من الحي، فعطف العام على العام يصح كما ترى.
الخلاصة:
يتضح الفرق بين الآيتين، فالآية التي وردت في سورة “الأنعام” خاصة من باب ضرب مثال وبيان مصداق للمعنى، وأن جملة (مخرج الميت من الحي) معطوفة على جملة (فالق الحب والنوى) لئلا يلزم التناقض وفساد المعنى، فجاءت بصيغة اسم الفاعل لإزالة اللبس ودفع توهم العطف على (يخرج الحي من الميت)، بينما الآية في سورة “الروم” عامة والجملة الفعلية (يخرج الميت من الحي) معطوفة على جملة فعلية (يخرج الحي من الميت)، وهو الأصل في عطف الجمل.
والله العالم