شارك عشرة من خطاطي المنطقة الشرقية في إنتاج جزء تبارك وهو الجزء التاسع والعشرون من القرآن الكريم بأسلوب مصحفي بمتابعة الرسم العثماني الموجود في مصحف مطبعة الملك فهد – رحمه الله – بالمدينة المنورة، بهدف التبرك بكتابة كلام الله (عز وجل) والتواصل مع الخطاطين من خلال عمل جماعي تم عن بعد مراعاة للإجراءات الاحترازية للحجر الصحي الذي فرضته جائحة كوفيد ١٩ على المملكة العربية السعودية.
وقام كل من الخطاطين العشرة وهم أسامة إبراهيم، وجابر الهروبي، وحسن آل عبيد، وحيدر العلوي، وعادل السكران، وعبد الغفور الممتن، وعبد الغني الدجاني، وعبد الله البحراني، وهاشم العامري، ووسام النصر، بكتابة صفحتين في منزله بخط النسخ وأرسلهما بشكل رقمي، ثم جمعت في مخطوطة واحدة من قبل منظمي العمل والمشرفين عليه وهم أنشطة الخط العربي بالدمام.
وتم إطلاق المخطوطة إلكترونيًا يوم الجمعة ١٥ رمضان ١٤٤١هـ، بعد أن تم تجميع صور المخطوطات عن طريق إرسالها إلى البريد الإلكتروني للأنشطة ومن ثم تنسيقها مبدئيا لحين انتهاء فترة الحجر، بعدها ستجمع الصفحات الأصلية ويتم إخراجها إخراجًا واقعيًا حقيقيًا بحيث يمكن الاستفادة منها وعرضها كجزء متكامل مكون من ٢٠ صفحة.
وذكر الخطاط السيد حيدر العلوي الحاصل على المركز الثالث في مسابقة خط النسخ على مستوى المملكة أنه قبل مباشرة الخط قام بتسطير الورقتين في يوم واحد بحيث تكون جميع المسافات موحدة بين أسطر الصفحتين، ومن ثم كتب الصفحتين المقررتين عليه أولا دون نقاط أو تشكيل مستغرقا بهما يومين، ثم قام بتشكيلهما باليوم الثالث، أعقبتها عدة أيام في تنظيف بعض الأطراف الزائدة وتهذيب الحروف باستخدام المشرط.
وأوضح أن هذه الطريقة تسمى بـ”الترتيش” حيث يكون العمل باستخدام المكبر ليرى الحروف بتفاصيل كبيرة.
وعبر الخطاط المنحدر من بلدة القديح لـ«القطيف اليوم» بأنه يشعر بفخر واعتزاز، قائلا: “بالنسبة لي كتبت من قبل صفحات كثيرة ولوحات من المصحف بخط النسخ ومنها سورة يس وجزء عم لكن هذه التجربة مختلفة لأن العمل جماعي وأيضا مطلوب مني إظهار مستوى قوي كوني أحرزت المركز الثالث على المملكة بخط النسخ مؤخرا بمسابقة من تراثنا”.
وعن طقوسه الخاصة بالكتابة أبان العلوي أن الخط يحتاج للهدوء والتركيز وحضور الخطاط ذهنيا بالكامل خصوصا أنه يتعامل مع ١٥ سطرا فالخطأ الواحد سيجبره أن يعيد الصفحة كاملة في بعض الأحيان أو معالجة الخطأ بالكشط ويترك أثراً أحيانا غير محبب كما أن التركيز مطلوب لكتابة الخط بشكل جميل وموزون من حيث الكتلة والفراغ ومناسبة الكلمات لبعضها ومناسبة مجموع الكلمات مع طول السطر فبعض الأسطر يحوي كلمات قليلة مما يستدعي المد والعكس مما يجعل الخطاط يراعي عدم المد كي لا يخرج عن نهاية السطر ويختل التنسيق.
وبكل شفافية أوضح العلوي أنه نسي سنة واحدة وعالجها بالكشط بالمشرط ولم يترك أثرًا ثم أكمل ٤٠ ساعة متفرقة على ١٢ يوما هي مدة انتهائه من صفحتين مباركتين – حسب تعبيره.
أما الخطاط حسن آل عبيد المنحدر من بلدة القديح فاستغرق ١٢ ساعة خلال عشرة أيام مستمعا خلالها لمحاضرات دينية باللغة الإنجليزية أو للقرآن الكريم لإنهاء صفحتين جزئيتهما نصف صفحة من سورة القلم وصفحة ونصف الصفحة من سورة الحاقة.
وعن مشاركته في كتابة هذا الجزء من القرآن الكريم قال الخطاط: “لأول مرة أعمل في مشاركة جماعية بكتابة جزء من القرآن الكريم، استفدت من بعض المشاركين أثناء التنفيذ من تبادل الخبرات وتقديم النصيحة والمشاورة”.
بدوره، ذكر المدرب والخطاط عبدالله البحراني المنحدر من بلدة السنابس أن فترة الحظر المنزلي كانت فرصة للانعزال وممارسة طقوسهم كخطاطين وهو الجو والوقت المناسبين للإنتاج الفني، وقد تمكن من كتابة صفحتين من جزء تبارك صفحة ٥٧٦ و ٥٧٧ خلال أسبوع تقريبا.
وحمد البحراني الله كثيرا على توفيقه ليكون أحد الخطاطين في هذا المشروع الفريد من نوعه في المنطقة بحيث تجمع عشرة خطاطين لكتابة جزء من القرآن الكريم فهي مشاركة تعني له الكثير، والشرف لكتابة كلام الله في الشهر الفضيل كما تمنى أن يوفقه الله لكتابة المصحف الشريف كاملا.
أما الخطاط وسام النصر المنحدر من مدينة سيهات فذكر أن هذه المشاركة هي الأولى له منذ بدأ دروس الخط العربي بشكل منتظم مع الخطاط علي السواري قبل سنة ونصف السنة، وأنها ستظل محفورة في ذاكرته باعتبارها كتابة كلمات الله عز وجل، وقال: “لقد أتت هذه المشاركة بترشيح من الخطاط السيد حيدر العلوي الذي شجعني على خوض هذه التجربة، واستغرقت فيها قرابة ١٠ أيام للتحضير والتدريب على الجزء الخاص بي بالعمل ثم التنفيذ”، مركزا على الكتابة السليمة في مكتبه الخاص بمنزله متشرفاً بكتابة آخر صفحتين من جزء تبارك.