كثرت مؤخراً المقالات في الواتس اب التي يؤرخ فيها أن أهل الأحساء هم أهل هجر، وأن مسجد جواثا في الأحساء، وأن النبي صلى الله عليه وآله زار الأحساء في حصنها المشقر، وأن صعصعة بن صوحان من رجال الأحساء، وأن رئاب الشني (نبي قومه) من الأحساء، وأن وفد عبد القيس هم رجال من الأحساء، وأن قبيلة عبد القيس سكنت الأحساء، وأن بحيرة الراهب يسكن كاتدرائية أحسائية وهو من الأحساء بالرغم من أن كتب التاريخ لم تذكر أنه سكن المنطقة أصلاً… إلخ
وللأسف كل ذلك غير صحيح ولم تكن الأحساء هي هجر، ولم تكن الأحساء ضمن أراضي هجر، ولم يكن وفد عبد القيس من الأحساء، وكل رجال هجر الذين يطلق عليهم الهجريون ليس لهم صلة من غريب أو بعيد بأرض الأحساء وسنوضح لكم ذلك بشكل موجز.
مدينة هجر التاريخية دمرها القرامطة عن بكرة أبيها عام (287هـ) بعد محاصرتها أربع سنين كما ذكر الحميري، وقتل أهلها وأخذوا الكثير منهم كعبيد وختموا على جباههم ونقلوهم إلى أحساء بني سعد التي تسكنها قبيلة بني سعد التميمية بعد حربهم مع قبيلة عبد القيس واستيلائهم على القطيف والزارة وباقي قرى هجر.
ومنذ ذلك التاريخ (287هـ)، اختلف المؤرخون والكتاب في تحديد موقع مدينة هجر ولم يكن من المسلمات كما هو اليوم أن هجر هي الأحساء، فعلى سبيل المثال نذكر:
1ـ الجغرافي ياقوت الحموي في كتاب معجم البلدان ص393 ج5 المتوفى عام 626هـ يقول: “وهجر مدينة وهي قاعدة البحرين وقيل ناحية البحرين كلها هجر” انتهى.
2ـ قال المستشرق جي جي لوريمر في كتابه “دليل الخليج” القسم الجغرافي ص774 ج2 عام 1907م خلال رحلته في الخليج: “هجر وخط هجر اسماء قديمة لم تزل نهائياً ولكن استعمالها أصبح غير محدد، وهناك وجهة نظر تقول بأن الهجر كانت تعني واحة الحسا، وأن كوت هجر كان يعني في الأصل المنطقة الساحلية من راس تنورة إلى دوحة سلوى، ولذلك فهي تشمل واحة القطيف وبر الظهران وبر العقير وبر القارة” انتهى.
3ـ الشيخ البهائي يرثي أبيه الشيخ / حسين ابن الشيخ عبد الصمد، الذي سكن جزيرة البحرين وتوفي في قرية المصلى بالبحرين عام 984هـ، وفي شعره يعتبر أن جزيرة البحرين هي هجر وقرية المصلي إحدى قرى هجر، يقول فيها:
يا جيرة هجروا واستوطنوا هجرا
واها لقلبي المعنى بعدكم واها
يا ثاويا بالمصلى من قرى هجر
كسيت من حلل الرضوان أضفاها
4ـ حتى أن ما ذكر أن مسجد جواثا الذي اكتشف مؤخراً في القرن الماضي الهجري في الأحساء، وقيل إنه مسجد جواثا، هناك دلائل كثيرة تبين خلاف هذا القول وأهمها ما ذكره ياقوت الحموي في معجمه ونقله عن ابن الأعرابي في تحديده قرية جواثا قوله: “جواثا مدينة الخط والمشقر مدينة هجر”، وهذا القول يبعد الأحساء بعيداً عن هجر ويحدد أن جواثا ومسجدها تقع في منطقة الخط (من صفوى حتى الظهران)، أما بالنسبة لحصن المشقر المشهور في هجر فقد بينته رواية عبد القيس في قرية الزارة العوامية.
على كل حال ما أردت توضيحه هو عدم اتباع طريقة القص واللصق في نقل مقالات فيها تغييب وتهميش تاريخ القطيف ونقل كل ما يخص القطيف إلى الأحساء بطريقة تشوه معلومات الجيل القادم.
وإن شاء الله سيصدر لنا كتاب بمسمى “تاريخ هجر”، يوضح هجر وقراها وتاريخها بالتفصيل.