أوضح الاختصاصي النفسي ناصر الراشد أن بعض المشكلات الزوجية تنشأ من تعرض أحد الزوجين إلى مواقف أو معاملة سيئة في طفولته.
وذكر “الراشد” أن هناك بعض القصص الواقعية من العيادات النفسية، يعاني فيها الأزواج من صمت أزواجهم، وسبب ذلك هو الانتقاد الدائم من الصغر، فهذه السمة تنتقل للإنسان في جميع مراحل حياته.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها “الراشد”، يوم الأربعاء 13 رمضان 1441هـ، بعنوان “تنمية مشاعر الأبناء” عبر “إنستجرام”، ونظمها برنامج “إيلاف” الأسري التابع للجنة الصحية بجمعية تاروت الخيرية.
وأكد الاختصاصي النفسي أن القلق والعدوان من السمات التي يسهل ظهورها في شخصية الإنسان منذ الصغر، فالعدوان يظهر في الأطفال الذين يتعرضون للعنف، حيث تتحول شخصياتهم لشخصيات عنيفة.
وقال إنه لا يوجد طفل وُلد وهو يخاف من الظلام، لأن القلق مكتسب ونحن من ينقله لأبنائنا.
وأضاف: “إننا نمارس العدوان على أطفالنا بغير قصد، كما يجب علينا تعليم الأمهات الحبّ والشجاعة لأن الأم تنقل قلقها لأولادها، ويساهم القلق في تشويه شخصية الطفل حتى الكبر”.
وأشار “الراشد” إلى أن الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة أثبتت أن مرحلة الطفل من عمر 0 – 5 سنوات هي من المراحل الحاسمة في تكوين شخصيته بنسبة أكثر من 75٪.
ودعا إلى فهم سلوك الطفل والتحدث إليه وعدم مقارنته بالأطفال الآخرين، لأن مشاعر الكراهية والحسد تظهر في شخصيته بسبب هذه المقارنة، وهناك كثير من الحالات التي يتحول فيها الطفل إلى العنف ويعتدى جسديًا على غيره بسبب مقارنته بالآخرين.
وشدد على أهمية توفير بيئة آمنة خالية من القلق وتعزيز دافعية التعلم، لافتًا إلى أن هذا هو الدور الأساسي للوالدين في تهيئة الأطفال من الناحية النفسية والاجتماعية.
وتابع: “إن أساليبنا التربوية هي خارطة الطريق، نرسم من خلالها مستقبل أطفالنا بالكلمة التعزيزية الإيجابية التي هي بمثابة البذور، تظهر عند الكبر كزوج صالح أو أم ناجحة، أما الممارسات التربوية الخاطئة، فتعيق ظهور السلوك الإيجابي، فنحن نستطيع أن نتنبأ بمستقبل الأطفال من خلال الخبرات التربوية التي نقدمها لهم”.
ونوه إلى أن سبب ظهور القلق لدى الإنسان هو تسريع مراحل النمو، أي أننا نحاول أن نظهر صفات وسمات ليست في وقتها، وذلك مثلًا بإعطاء الطفل مهامًا لا تناسب عمره قد تعرضه للفشل المتكرر، وبالتالي الإحراج وبالتالي الخوف في المستقبل من الفشل الدائم، لأن كل مرحلة من مراحل النمو لها احتياجاتها”.
وحذر الآباء من غياب المشاعر، لأن ذلك هو السبب الرئيسي للتوتر بين الأبناء والوالدين، وسيظهر سلوكًا تربويًا غير مرغوب فيه، أما التعاطف فهو من المشاعر المهمة التي يجب أن تظهر باستمرار في العملية التربوية، ولكن كثافته أحيانًا مع أطفالنا تعتمد على علاقتنا بهم، فمثلًا أي سلوك يصدر من الطفل نعتبره عدم احترام، وبالتالي يقل مستوى تعاطفنا معه وأحيانًا قد نضطر لممارسة العنف ضد الطفل.
وقال: “أحيانًا نتعاطف بشكل مبالغ مع الأطفال، فالأم مثلًا في المناسبات الاجتماعية تلجأ للدفاع عن الطفل وعدم التشكيك في خطئه، وهذا من أخطر المواقف لأنه يعوِّد الطفل على الإنكار، بينما يمكننا تحويل هذا الموقف لسلوك إيجابي لو جعلنا الطفل يتحاور ويحدد الموقف ويبرر ويتخذ قرارًا، وجعلناه يثق بنا وعززنا ثقته بنفسه”.
وشدد على أنه لا يجب أن نطفئ ثورة الغضب عند الأطفال بغضب، لافتًا إلى أن الطفل الذي يتعرض للانتقاد الدائم يتحول لشخصية تجنبية، ويجد صعوبة في التعبير عن نفسه، ويصبح لديه خوف وقلق من الانتقاد، مضيفًا أنه يجب على الوالدين التفرقة بين رغبات الطفل واحتياجاته، فرغبات الأطفال لا تنته.