قارن المدرّب مآب الحايك بين الحب في فترة الخطوبة وبعد الزواج، منوّهًا إلى أنّ المقارنة بين التصرفات وليس الحب.
وقال “الحايك” إن التصرفات في فترة الخطوبة تُسمّى حبًا، فمن ناحية الهدايا نجدها كثيرة بين الطرفين، والكلام فنٌ وغزل وناعم وفيه تجمّل، وكلاهما يحرص على التجمُّل والتأنق، ومن ناحية المواقف تجدهما يتجاوزان عن كل ما يغيضُ الآخر.
وأضاف أن التصرفات تتغير بعد الزواج ويُعبّرُ عنها بمقولة “طار الحب”، فالهدايا تقلّ بوضوح بين الطرفين، ويقلّ الكلام الرومانسي ويغلبُ الكلام الواقعي، ويظهرُ كلا المخطوبين بوضعهِ الطبيعي، وربما يُشاهد بلا ترتيب أو بفوضى غير مسبوقة، ومن ناحية الموقف تجدهما يتوقفان عند كلِّ موقف ويتناقشان ورُبّما يتمسكان برأيهما.
ونوه إلى أن مرحلة الخطوبة تتسم بوجود الأقنعة والتجمل وهذا ليس عيبًا، بل يعد من خصائص هذهِ المرحلة، فهذه الأقنعة للتقرّب والجذب وليست للخداع، ومرحلة الزواج هي المرحلة الواقعية الواضحة لاستمرار الحياة.
جاء ذلك خلال استضافته من مجلس “التقوى” النسائي بالقديح، ضمن سلسلة برنامجهم الرمضاني “ولآلائِكَ مِن الذِّاكِرين”، يوم الإثنين 11 رمضان ١٤٤١هـ، بورشة تدريبية بعنوان “جدّد حياتك بلغات الحب الخمس”.
وذكر “الحايك” أنّ الحُبّ هو الكلمة الأكثر إثارة للحيرة، فجميعُ المفكّرين الدينيين وغيرهم يُشِيدون بالدور المهم للحُبّ، بل إنّ الرُّسل والأنبياء ربّوا أتباعهم على أن يكون الحُبّ هو السمة المُميّزة لهم، وأكّد علماءُ النفس أن الحُبّ حاجة بشرية ضرورية وأساسية للعمل والبذل والاجتهاد وحتى الحرب أيضًا، وبدونهِ يكون كُلّ ذلك صعبًا وثقيلًا.
وعرّف الحُب بأنّهُ حالة الشوق الشديد للآخر، وهذهِ الحالة دافعة ومحرّكة، كحُبّك لشخص يجعلك تمشي ولا تخاف التفجيرات والأعداء، فالحُبّ محرّك للسلوك والتضحية، وهوَ في أشكالهِ المختلفة يقوم بدور الوسيط الرئيسي للعلاقات بين الأفراد، والمتصفّح لهذهِ الكلمة يجد لها كثيرًا من الشروحات التي لا حصرَ لها.
خزّان الحب
وعزا “الحايك” أكثر السلوكيات السيئة التي تصدر عن الأطفال إلى الرغبة الملحة في ملء خزان العاطفة، مستشهدًا بقول الطبيب النفسي المتخصص في علاج الأطفال والمراهقين روس كامبل: “في داخل كُلّ طفل «خزان للعاطفة» في انتظار أن يُملأ بالحب، فعندما يَشعر الطفل بأنّهُ محبوب، فإنّهُ سينمو بشكل طبيعي، ولكن عندما يكون خزّان الحُبّ فارغًا، سيتصرف الطفل بشكل غير سوي، فالإحساس بالحب حاجة ماسة لا تتوقف عند مرحلة الطفولة بل حتى مرحلة البلوغ والزواج والمراحل المتقدمة أيضًا”.
وتابع: “ويبقى العيب في خزان الحُبّ هو أنّه بعد امتلائهِ ينقص فلا بد علينا أن نُعاود ملأهُ من جديد وهكذا، وهذا ما يحصل للحُبّ بعد الزواج، فالخزّان يكون ممتلئًا ثم ينقص قليلًا تدريجيًا، فسؤال الزوجة لزوجها هل تحبني؟ هو رغبة منها في ملء خزّان حبّها، واستفسار الزوج مثلًا عن الرحلة التي نفّذها لزوجتهِ أو عائلته هو حاجةٌ منه كذلك لملء خزانه”.
لغات الحُب الخمس
وعدّد لغات الحب الخمس، وهي نظرية للدكتور جاري تشابمان Gary Chapman، مدير مؤسسة استشاريي الحياة الزوجية والحياة العائلية، فلكي يتجدّد الحب لا بُدّ من ملء خزان العاطفة باستخدام نظرية لغات الحُب الخمس، التي حصرها تشابمان من خلال تجربتهِ في الاستشارات من خلال تجربته التي استمرت لمدة 30 سنة، حيثُ ذكرَ أنّ التعبير عن الحُبّ يكون في خمسة تعابير أسماها لغات الحب الخمس وهي؛ لغة الإطراء والتشجيع، ولغة الهدايا، ولغة قضاء الوقت، ولغة الأعمال الخدمية، والأخيرة هي لغة الالتصاق الجسدي.
واستطرد: “يقول جاري تشابمان إن الفرد يتحدث هذه اللغات الخمس، وتنفردُ لغةٌ واحدة بالتأثير السريع فيه، فيستجيب بسرعة، فخزّان الحُبّ عند تشابمان كخزّان الماء الذي تغذيهِ خمسة أنابيب مختلفة الأحجام، فيها أنبوب واحد كبير يمتلئ بسرعة، فقد يكون هذا الأنبوب هو لغة الحُبّ والإطراء عند الشريك، وتكون لغةُ الحب لشريكه هي الهدايا، وعلى الشريكين تعلّم لغة الحُبّ للآخر حتّى يسهلَ التواصل بينهما”.
الإطراء لغة الحُبّ الأولى
وبينَّ أنّ الشخصَ الذي يتحدّث لغة التشجيع والإطراء تجدهُ يستخدمها مع من يُحبّ، فكلماتهُ إيجابية ودائمًا ما يُحفّز الآخرين، ويستطيع الشريك أن يُميّز شريكهُ إن كانَ يتحدّثُ هذهِ اللغة ويستجيبُ لها حينما يراهُ دائمًا محفّزًا، وعندهُ طلاقة في المدح والإيجابية لكل فعل، وهنا لا بُدّ للشريك أن يبحثَ عن الجانب الإيجابي في كل شيء ويمدحه.
وأشار إلى أنّ الرجل يميل إلى أن يُمدح في إنجازه والوثوق فيه ودقة عمله، أما المرأة فتميل إلى أن تُمدح في جمالها واختيارها وحسن تصرفاتها.
وقال: “علينا مراعاة الصدق في لغة الإطراء، والبحث عن الجوانب الإيجابية لمدح الشريك، والبساطة وعدم التكلّف بالعبارة، واكتشاف مواهب الشريك وتحفيزه، واستخدام الأسلوب بالكلمات الرقيقة مستخدمًا نبرة صوت منخفضة أو متوسطة أو هادئة ممتلئة بالحنان، كما يتطلّب التشجيع والإطراء التعاطُف مع حالة الشريك واستخدام هذه العبارات: أنا مقدّر، وأنا أشارككَ المشاعر، وأنا أهتم، وأخيرًا يلزم المدح بتأكيد الثقة وعدم زعزعة ثقة الشريك بنفسهِ وقدراته”.
لا تكن مدمّرًا
وحذّر “الحايك” من مُدمّرات الإطراء وهي؛ المدح بدون مهدّمات لفظية مثل “لكن، بس، but”، فهذهِ الكلمات تقلب المدح إلى ذم، والمقارنات مع أشخاص آخرين، والعتاب الذي يُدمّر المدح.
ولفت إلى أنّ لغة الإطراء من الممكن إجادتها بعدّة طُرق منها؛ القراءة، والسماع، ومشاهدة القصص والمقاطع، ووضع أهداف لمدح الشريك على الديمومة، والاحتفاظ بسجل لكلمات المدح، واستخدام الإطراء المكتوب، والحرص على مدح الشريك بحضوره وحضور أقاربه وأولاده، فقول الأب لأبنائهِ أمامها: أمكم ملاك نزلَ من السماء فعاملوها كملكة، وقول الزوجة لهم: أبوكم شخصية عظيمة وقّروها بما يليقُ بها، لن يذهب من قلبيهما أبدًا، كما أنّ المدح المضاعف باستخدام كلمات المدح غير المباشرة، والبحث عن نقاط القوة فيه وامتداحهِ حتمًا سيخلق الفرق في نقاط التواصل العاطفي بين الزوجين.