من مُخرجات رؤية المملكة ٢٠٣٠ مبادرة معهد الإدارة العامة مشكوراً بإهداء الوطن مشروع “إثرائي”، رافعة تدريبية ومشروع نهضوي بامتياز، مُمَكِناً كُل مواطن ومقيم من الالتحاق بدورات إلكترونية مجانية منتهية بشهادات معتمدة وفي عدةِ مجالات قيادية، وإدارية، وقانونية، وتقنية، وريادية وغيرهاً متطلعين إلى الاستفادةِ أيضا من هذا المشروع أو من فكرته لنشر ثقافة التعامل مع نتاجات وأدوات الثورة الصناعية الرابعة بين كل أفراد وشرائح الوطن.
في السنوات القليلة القادمة سنشهد سيطرة أدوات الثورة الصناعية الرابعة على المشهد الحياتي ومنها:
الطباعة ثلاثية الأبعاد، وإنترنت الأشياء، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المَناشط الحياتية اليومية، وعالم الروبوتات، والجيل الخامس من خدمات الاتصالات، وتحليل ومعالجة البيانات الضخمة، والتكنولوجيا المالية، وتقنيات البلوك تشين (سلاسل الكتل)، وسلاسل الإمداد واللوجيستيات المتقدمة، وغيرها الكثير مما يُسارع بتحويل حياتنا إلى رقمية بشكل مضاعف.
خلال الأعوام السبعة الماضية شهدنا تجربة رائدة بإشراف من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وبالتحالف مع أرامكو السعودية وشركة سابك وبعض الشركات الوطنية والدولية الكبيرة بتأسيس عدة معاهد متخصصة لتدريب الشباب على أعمال تتطلب مهارات فنية وتقنية في مجالات كثيرة منها: أعمال النفط والغاز، والرسم الهندسي، والاختبارات التقنية، وأعمال المساحة، ومجالات أخرى. نموذج عمل هذه المبادرة قائم على التدريب المنتهي بالتوظيف المضمون مسبقاً، مما شجع الشباب لخوض هذه التجربة بأمان وتركيز على كسب المهارات وإتقانها.
هل يمكن تكرار هذه التجربة الرائدة بقيادة معهد الإدارة العامة بخبراته التدريبية المميزة في مجالات القيادة والإدارة والتقنية ومشاركة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بخبراتها العريقة من خلال المعاهد والكليات وتجربتها الأخيرة التي أشرنا إليها، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، باختصاصها بالعلوم والتقنية وحاضنة الأعمال التقنية التابعة لها «بادر» المتخصصة بالمشاريع الريادية التقنية وأرامكو السعوديه صاحبة الإبداعات وخبرات التدريب العالمية وحاضنة الأعمال التابعة لها «واعد»، وبالتحالف مع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» والعديد من الشركات والقطاعات والكيانات الكبيرة والصغيرة وطنياً من جانب، ومن جانب آخر مع كبرى الشركات والمعاهد العالمية الرائدة في هذه المجالات.
التصور العام لما هو مُتأمل من القطاعات الرائدة هذه هو الخروج بمشروع وطني شامل يتبنى الأهداف والوظائف العامة التاليه:
1- إتاحة الفرصة لكل مواطن للالتحاق بدورات مجانية إلكترونية للتعرف على أساسيات أدوات هذه الثورة بمستوياتها البسيطة لخلق حاضنة شعبية كبيرة للتناغم مع آثارها على الحياة بشكل عام وعلى الجانب الاقتصادي والتنموي بشكل خاص.
٢- إحداث معاهد افتراضية وحقيقية والاستفادة من بعض الكليات الجامعية الحالية لتطوير برامج عملية ومن واقع سوق العمل الفعلي وبمختلف المستويات البسيطة والمتوسطة والمتقدمة لتوفير مجتمع تدريبي شامل لتخريج كفاءات مميزة ومتخصصة في كل أدوات هذه الثورة وفي جميع مناطق المملكة.
٣- مساعدة طلبة المرحلة المتوسطة والثانوية من الجنسين ومن خلال برنامج استشاري تدريبي افتراضي على اختيار التخصص المناسب من بين كل هذه البرامج (تعريف وتدريب الطلاب على التخصصات وكيفية اختيار التخصص المناسب بشكل عام جدير أن يكون مشروعًا وطنيًا مستقلًا لخلق جيل قادر على التخطيط السليم لمسار حياته المهنية بشكل فعّال وسوف يكون هذا المشروع موضوع مقال قادم).
٤- اختيار معاهد وكليات عالمية متميزة في هذه المجالات للابتعاث وصناعة جيل من المدربين القادة وكذلك المتخصصين الوطنيين لقيادة مسيرة التحول ومواكبة هذه الثورة.
ولا يفوتني التذكير بأهمية تبني نفس نموذج العمل القائم على التدريب المنتهى بالتوظيف المضمون كلما أمكن.
٥- صناعة مجتمع ريادة أعمال متخصص في أدوات ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة لإنشاء مشاريع ريادية قائمة على الإبداع والابتكار وفي مختلف المجالات، صناعة، خدمات، تسويق، تدريب، تجارة وتشجيع المؤهلين لإطلاق مشاريع ريادية واعدة موضوعها أدوات ونتاجات هذه الثورة. فهل من الممكن أن نرى في المستقبل القريب مثل هذا البرنامج الوطني الشامل بتطوير مشروع إثرائي أو مشروع جديد انطلاقاً من فكرة إثرائي؟
بقي أن ندعو الجميع بمختلف الأعمار وبالخصوص الشباب من الجنسين للاستفادة من الدورات المجانية في منصة «إثرائي» وفي ذات الوقت التطلع إلى الوظائف والمشاريع الريادية المتوقعة من الثورة الصناعية الرابعة وملاحظة أنها وظائف ومشاريع المستقبل الطاغية على المشهد الحياتي والاطلاع على شيء منها بالتفصيل والتدرب على أحد مجالاتها كلما أمكن.