زكاة الجمال العفاف

ليس العفافُ في قطع قماش تستر المرأة بها مفاتنها عن الأجنبي فحسب إنما هي حالة قدسية عالية وطاقة إيمانية كبيرة تغشى المؤمنة حينما تتزيّا بلباس التقوى والعفة والفضيلة..
{وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ] [سورة اﻷعراف 26].

إذا المرء لم يلبس لباسا من التقى
تقلّـب عُريانــا ولـو كان كاسيــــا
فخير خصال المرء طاعــةُ ربــهٍ
ولا خيرَ فيمـن كان لله عاصيــا

وبمقدار تلك الحالة وبقدر تلكم الطاقة يكون الجمال أخاذا والسمو سامقا، والشرف باذخا..

وما الحجاب إلاّ عنوانٌ وهوية؛ أو هل يعرفُ الكتابُ إلاّ بعنوانه أو يهتدى لصفات المرءٍ إلا بهويته وهو حصن الأخلاق ودرع الشرف..

ولو تأمَلت المؤمنة في الهالة المعنوية العالية التي تكسوها في طاعة الله لضربت عرض الجدار المدح الذي قد تغنمها ممن يريد لها أن تنزلق في مهالك البعد عن الساحة الإلهية المقدسة؛ وذلك هو الخسران المبين..

طوق نجاة المرأة في عفافها..
وشرف فخر الفتاة في خدرها..
والعفاف رأس مالها ومرآة جمالها..

والعفاف والحياء -أختاه- سمة أولياء الله وزكاة جمالهم..

وما الزكاة إلاٌ الوفرة والنماء والديمومة..

كم أعجب من تلك المرأة التي  تنسى أو تتناسى الفطرة السليمة والجبلّة التي خلقها بها بديع السموات والأرض..
{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [سورة الروم 30].

وأعجب منها تلك التي تنبهر بزيف حرية المتبرجة السافرة وتغفل عن جمال سترها وخدرها..

أوليست أغلال المعاصي والبعدِ عن الله بأعنف وأشد من تلك التي قد تتوهمها في حجابها أو ردائها..

ولا ينقضي عجبي من تلك التي  يخدعها إبليس وجنوده بأن العفاف ليس بحاجة لكساء ورداء أو حجاب..

فيا أيتها الأُختُ المؤمنة؛ لعل محدثيك بأنك بمأمن من نظرات الارتياب وسهام الشيطان قد يخدعونك مستغلين نقاء القلب وصفاء السريرة فيقل لديك الحرص والاهتمام وتفتر المراقبة في الاحتشام فتذكري أنك لا تنظرين بعين الرجل ولا تملكين ذات المشاعر والميل الغريزيَ القويَ للجاذب الأكبر للرجل؛ (النصفَ الثاني وشريكَ الحياة..)
حاشاك ذلك ثم حاشاك..

فأنت المعتصمة بحول الله والمتمسكة بحبل أوليائه..

أتعلمين أختاه ما المحجبة؟!..
إنها العاملة في طاعة الله والباذلة في طهارة المجتمع ونزاهة أردانه؛ ألا إنها المرابطة في ثغور الشرف ومشارف المجد والسؤدد..

وهي بهذا تباهي حورياتٍ الجنان وملائكةَ الرحمن..

فيا أيتها الفتاة العفيفة والأخت الشريفة..
يا من تفرشين الدروب بالورد والزنابق، وتشرقين على الحياة في كل آن جمالاً ورحمةً ودلالاً..

صونك هذا العفاف جهاد وعزّ وجاه..
والحق تعالى يقول:
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [سورة العنكبوت 69].

وحسبك أنك بهذا اتخذت الطاهرة البتول القدوة المثلى والأسوة الفضلى ونهجت نهج الصديقة زينب سيدة العفاف وأميرة العفة..

وحسبك هذا الشرف وهنيئا..  هنيئا لك وطوبى..

وما أنا هنا -أختاه- إلاّ مذكرك بالخير ودالك على الاستقامة في زمن يُخْشَى عليه من فتن الدنيا وغربة الدين.

سترك الله ورعاك وجعل الجنة منزلك ومأواك ونعم عقبى الدار..
وصلى الله على محمد وآله الأطهار..


* من كلمات أمير المومنين عليه السلام وورد عنه أيضا: “صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها”.


error: المحتوي محمي