استطاعَ قيادةَ أمةٍ بكاملِها، بل والتحكّم بدفّة الأزماتِ فيها، شخصيةٌ استطاعت أن تحدثَ التأثيرَ في أصعب البيئاتِ النفسية، وتحدّتْ بِصبرها ما تعجزُ عنهُ الجبال الرواسي، وبكلامِها المُمنطَق المدروس والمُقنِع ولجت لقلوب مخالِفيها قبل محبيها، فشهدَ لها المخالفون قديمهم وحديثهم بأنّها الشخصية التي لم تنل للآن حقّها المحقوق كما ينبغي.
إنّها شخصيةُ النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، التي جسّدت خيرَ مثالٍ “للشخصية الكاريزمية” بكل سماتِها وقواها، في البرنامج التدريبي “بناء الشخصية الكاريزمية” الذي نفّذهُ المدرب التربوي والمهتم بتطوير الذات والإرشاد الزواجي سلمان عبدالله آل عباس عبر قناة التلجرام “معلم المستقبل” واستهدف 2600 مشارك.
هبة إلهية
عرّف آل عباس مفهوم الكاريزما بأنّها: كلمة يوناينة الأصل وتعني الهبة الإلهية أو النعمة، وهي القدرة على جذب الانتباه ولفت الأنظار إليكَ، ومن ثمّ التأثير عليهِم وقيادتهم.
وأضاف: “الكاريزما هي بالدرجة الأولى فطرية وراثية مثلها مثل الصفات التي تولدُ معنا كحسن الخَلق وجمال الصوت أو الصفات المذمومة كالغضب مثلاً، لكنّها أيضًا من المُمكن أن تكون مهارة، حيثُ يستطيع كلٌّ منّا اكتسابها وبناء شخصية كاريزمية من خلال التعلُّم واكتساب المهارات”.
قوة
وذكرَ أنّ من المهم أن يكتسبَ الإنسان شخصية كاريزمية، لأنّها تخلقُ لهُ القوة والقدرة على كثيرٍ من منجزاتهِ الحياتية ومنها: وضع الأهداف بمعايير عالية جدًّا، والتخطيط بشكل سليم، واكتساب المرونة في التعامل مع المجريات والأشخاص، والتأقلم مع المتغيرات، وتحمُّل المسؤولية بحسّها العالي، ومواجهة الصعوبات والتحديات بكلّ شغف التحدي وحبّ المغامرة، ونيل النجاح والتميز والإبداع فلا يرضى بغير هذا السقف أبدا في جميع غاياته.
عشرة
وتحدث آل عباس عن العشر صفات التي تميّز الشخصية الكاريزمية، وتحقق لها الهالة من التميّز والحظوة عند الآخرين وهي: الثقة بالنفس، وإجادة فنيّات الاسترخاء، وامتلاك العواطف القوية، والتحلّي بالصبر، والبُعد عن تقليد الآخرين، وقوة التفكير والكلمة المدروسة، والاهتمام بالآخرين، والتعامل بودٍّ واحترام، وإجادة لغة الجسد، وإتقان لغة الحوار، والقدرة على الإقناع والتأثير، وعشق التحدي والمبادرة بالتطوير.
ودللّ على هذه الصفات بمقولة البرفيسور الأكاديمي وعالم النفس البريطاني اللندني ريتشارد وايزمان: “هناك ثلاثة عوامل تجعل الشخصية كاريزمية؛ الإحساس العميق بالذات، والقدرة على تمرير المشاعر لدى الآخرين، والمناعة ضد الكاريزمية الخارجية”.
لا تدمّرها
وحذّر من مدمّرات الشخصية الكاريزمية التي تضعف أو تهدم الشخصية وهي: التردّد وعدم المقدرة على اتخاذ القرارات، وعدم التعريف بالآخرين ومشاركتهم الحوار، والتحدُّث عن الاهتمام الخاص فقط، وفقدان الطلاقة واللباقة في الحديث، والإجابة بكلمة واحدة لا تُغني الحوار، والنقد المباشر، ونسيان الأسماء أثناء الحوار، وعدم الثبات على المبادئ والقيم، وانعدام التوازن في التعاطف أو زيادة الملاطفة، وكذلك انعدام مشاركة المشاعر مع الآخرين.
ت+م+ك+ح+ص=ث
وختم البرنامج بتلك المعادلة التي كانت لغز البداية له، مبيّنًا أنّ قوة هالة الإنسان وحضوره وتأثيره تعتمدُ على قوىً خمس تنتجُ عنها قوة واحدة في الأخير تتمثل في تلك المعادلة ت+م+ك+ح+ص=ث فالـ ت ترمز لقوة التفكير، والـ م ترمز لقوة المشاعر، والـ ك ترمز لقوة الكلمة والحركة، والـ ح قوة الحضور، والـ ص تمثّل قوة الصبر، وحينما تجتمع هذه القوى الخمس تنتجُ عنها قوة التأثير والإقناع الذي يمثلهُ الحرف ث.
وتابعَ: وَيبقى مفتاح الكاريزما القوية الجاذبة هو”التعامل”مع المحيطين بك والذي يحدّد امتلاكك للشخصية الكاريزمية من عدمها وقوّتها من ضعفها.