حريٌ بالمؤمن أن يقترب أكثر وأكثر من موائد تلك المواعظ الجليلة التي امتلكت زخماً عالياً من الثراء الأخلاقي، ليتعلم منها ويُعلِّم ،ويتربى فيها ويُربي، ويتغير بها ويُغير، وتفتح له ولجميع السائرين آفاق النصر في مسيرة الصراع مع النفس والشيطان.
لقد كان الكثير من الذين تشرفوا بالحضور في مجلس سماحة الشيخ العزيز يسمعون هذه العبارة تقرع آذانهم يقول: “علينا أن نسعى لأن يكون باطننا أفضل من ظاهرنا”.
وكم تحدث عن عطاء هذا الشَهْر الكريم، يقول -حفظه الله – إنه شهر يُرَبِّي المؤمنين على السيطرة على النفس، وَالقُدْرَةِ على كَظْمِ الغَيْظِ، وَهَذَه مِنْ أَعْظَمِ الأُمُورِ في بِنَاءِ الشَّخْصِيَّةِ الصالحة، لِأَن المُتَسَرِّعَ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ منفلت الأَعْصَابِ لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ أبداً.
وكان ولا يزال – حفظه الله – يوجه الناس لما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام في هذا الشهر الشريف من السعي للإصلاح والتربية الإيمانية، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ عن عبادة (الصوم): «عليك بالصوم فإنه جُنَّة من النار…».
أَيُّهَا الصَّائِمُ، تدبر في هذه الأيام التي تحْدُو بِنَا إلى الأَخْلَاقِ السَّامِيَةِ العَالِيَةِ، تحْدُو بِنَا إلى العَفْوِ وَالصَفْحِ عَنِ النَّاسِ؛ واعلم أن حقيقة الصوم ليست الابتعاد عن المفطرات واجتنابها، فإنّ ذلك ظاهر الصوم، وأمّا باطنه وحقيقته التي يجب أن نطلبها بأدائنا لهذه الفريضة فهي صلاح الباطن، فتدبر في كلمات مولاتنا فاطمة الزهراء تقول (ع) : “ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه”.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.