إلهي لا تُؤدّبني بعقوبتِك …

قد مرّ شهرٌ و الكرونةُ لم تزل
في هاجسٍ و البعضُ ناءَ مِنَ الضّجَر

يا أيُّها الإنسانُ فكّر لحظةً
إنّ المصائبَ إذ تحُلُّ بها عِبَر

لا تسألَنَّ اللهَ عمَّا شاءَهُ
بعبادِه و عليهِ لا تشكُ و ذَر

و إذا أُصِيبَ المُؤمنونَ فذاكَ مِن
أجلِ امتحانٍ لا لذنبٍ قد صدَر

و الأولياءُ علَت بهم دَرجاتُهم
لِمصائبٍ مِن بعضِها انفطرَ الحجَر

و على سَوادِ النَّاسِ إن حَلَّ البَلا
فلِقُبحِ أعمالٍ بها الجَورُ انتشر

قد بدّلوا سُننَ الإلهِ و جاهروا
في كُلِّ معصيةٍ و كانوا في بطَر

فالأمرُ بالمعروفِ باتَ مُؤخَّراً
و النّهيُ عن تلك المعاصي ما ظهَر

و ترى النّسا في زينةٍ و تبرُّجٍ
لا يحتشمنَ إذا لها رجلٌ نظَر

و ترى الشّبابَ تميّعت حركاتُهم
مِن حفِّ حاجبِهم و صِبغٍ للشّعَر

و ترى المسامِعَ للغناءِ توجّهت
مَعَ علمِها أنَّ المُهيمنَ قد زجَر

و البعضُ أهملَ دفعَ خُمسٍ واجبٍ
لِوَليِّ أمرِ زمانِنا و المُنتظَر

و تقطُّعُ الأرحامِ عن وصلٍ وعن
صِلةٍ بمالٍ جرَّ آفاتِ القدَر

و البعضُ أغفلَ للصّلاةِ بوقتِها
طلعت عليهِ الشّمسُ مِن فِرطِ السَّهَر

و استُحدِثت بِدَعٌ بأعراسٍ و قد
تمَّ اختلاطٌ بين أُنثى و الذَّكر

كَثُرَ الطّلاقُ و لَمْ تُفِد مِن حيلَةٍ
و تبعثَرت بشتاتِها تلكَ الأُسَر

و البعضُ في الإسرافِ ضيَّعَ نِعمةً
لو كان أعطاها فقيراً لابتشر

أحوالُنا رَهْنُ الفِعالِ أما ترى
في الذِّكرِ آياتٍ تُبيِّنُ في السِّوَر

و إذا ابتلى رَبُّ العِبادِ عِبادَهُ
ببليّةٍ فَبِها تميّزَ مَن صبَر

لا يعظُمّنَّ عليكَ ما ترنو لَهُ
في عالَمِ البلوى فخُذْ منها عِبَر

و اعلمْ بأنَّ اللهَ جَلَّ جلالُهُ
تأديبُهُ بعقوبةٍ يُحيِ البشَر

فلَعلَّهم رجعُوا إليهِ بتوبةٍ
لِيُزيلَ عنهم ما يَرَونَ مِنَ الضَّرَر

فهو الرَّحيمُ بخلقِهِ و عِبادِهِ
و هو اللطيفُ بمَن تضرَّعَ أو عَثَر

بالعِترةِ الأطهارِ ساداتِ الورى
و كذاكَ بالمولى الإمامِ المُنتظر

اكشِفْ بلاءَكَ و استجِب لِدُعائنا
و اقبلْ مُنيباً رامَ عفوَكَ و اعتذَر

أنتَ المُفَرِّجُ كُلَّ ضِيقٍ نالنا
ما خابَ مَن برجاكَ لاذَ و ما انكسَر


error: المحتوي محمي