
كشف الكاتب حسن حمادة، صاحب “بسطة حسن”، بعد 3 سنوات من انطلاقتها في فضاءات القطيف الثقافية والأدبية، والمعرفية، أن الكتب الركيكة والضعيفة تشترى، وتلقى رواجًا، في حين أن الكتب الإبداعية لا تلتقط، وتهمل على قارعة الطريق، مما جعله، يتركها في منزله، وعدم تقديمها في البسطة، لندرة طالبيها.
وقال: “إن الكتب الإبداعية، الثرية المحتوى، والصياغة، تضيع في وجود الكتب الركيكة والضعيفة، التي أخذت الجو، وسحبت البساط”.
جاء ذلك في دردشة حوارية، قدمها مساء الأحد في حسابه على قناة التواصل الاجتماعي “إنستغرام”، بعنوان “القراءة وعوالمها”.
تسويق الإبداع
وأشار بحسرة الغارق في التعجب، إلى أنه في بسطته، يصله كتاب من 60 صفحة، يشتريه بـ 55 ريالًا، ليبيعه بـ60 ريالًا، وهو ركيك وضعيف في محتواه، ولغته، وصياغته، إضافة إلى غلاء ثمنه، ولكنه يباع، ويلقى رواجًا، في حين أن كتابًا في الضفة الأخرى، يصله، ويعرضه للبيع بـ20 ريالًا، ولا يلقى رواجًا، في حين أنه يكون جميلًا، وكاتبه مبدع، ولغته متمكنة، وله محتوى، وصياغته رائعة.
ودعا إلى التسويق للكتاب الجيد، والكاتب المبدع، مقترحًا بعض الخطوات، سعيًا لتعريف الكاتب والكتاب في الوسط الثقافي والاجتماعي، من خلال اقتباس عبارات من كتبهم، ونشرها على زوايا قنوات التواصل الاجتماعي، وتذييلها باسم الكتاب، وكاتبه، ومناقشة ما يحتويه الكتاب، أو جزئية منه نقديًا، لتسليط الضوء عليه.
صناعة مثقف
وفي مسمى “مثقف”، ومتى يكون الإنسان مثقفًا، يذكر -حمادة-، أننا نعيش معضلة، مفادها أن من يقرأ يظن ذاته مثقفًا، أو بالضرورة أن يكون مثقفًا، لافتًا إلى أن القراءة، تنقل الإنسان من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن اللاشيء إلى المعرفة، وهنا، يغربل صاحب بسطة حسن، ماهية المثقف، الذي عبر عنه البعض، بأنه الإنسان، الذي يمتلك في جعبته مجموعة من المعلومات.
وقال: “إن المثقف، هو الذي يقرأ في أكثر من كتاب، ليقتطف الزهور من أكثر من بستان، وليس الذي يقرأ لكاتب معين، أو نوعية معينة من الكتب، فإنها -بحسب رأيه – لا تصنع مثقفًا حقيقيًا”.
وأكد أن المثقف الحقيقي، هو الذي يقرأ قراءة متنوعة، يبحر في كل علم وفن، الشغوف بالقراءة، لا يتجه في قراءته الاتجاه أحادي الجانب، وقال: “يجب على الكاتب أن يقرأ، ويحفظ، والقراءة، لكاتب معين، ونوعية معينة من المواضيع لا تصنع مثقفًا حقيقيًا، وليكون الإنسان مثقفًا، عليه أن يجعل قراءته متنوعة المشارب.
وبين أن بعض الكتاب لديهم في كتبهم أخطاء، أو أفكار خاطئة، مؤكدًا أن المزيد من العملية القرائية المتنوعة، من خلال قراءة أكثر من كتاب في نفس الموضوع، تجعل هذه الأفكار الخاطئة، تتضح، وتبرز للسطح، وتغربل.
المطبخ والكتابة
“الطبخة الناضجة ألذ، والكتابة الهادئة أمتع”، بهذه العبارة أوضح أنه تكمن ثقافة الكتابة في مسيرة الكاتب حسن حمادة، لينطلق من أيديولوجيتها، متخذًا يراعه، سفينة إلى غصون تطلعاته، وضفافه، وذكر أن الكاتب الذي يسعى إلى إصدار مؤلفه ينبغي عليه القراءة بعمق، والتنقيب، والقراءة في نفس الموضوع، الذي يستهدفه، مستعينًا بالمصادر والمراجع، والقصص، والشعر..، من خلال محرك البحث جوجل.
وعن الكتاب الذي ينبغي أن يقرأه الإنسان، أجاب: “إن الإنسان، هو الأعرف، أي كتاب يحتاج قراءته، في سعيه، لامتلاء الفراغ، الذي يعيشه، باحثًا عن الضعف في ذاته، ليقويه بالقراءة”، مضيفًا: “ينبغي أن يكون الكتاب مجيبًا عن استفساراته، ويكون سلسًا في أسلوبه، لافتًا إلى أن ذلك يأتي من خلال قصد المكتبات، ومتابعة الصفحات التي تتحدث عن الكتب، وتكوين علاقات، وصداقات، مع المهتمين بالكتب والقراءة، والتأليف، لينهل من معينهم”.
وقال: إن الهدوء في الكتابة، يجعل التركيز في ذروته، ويخلق جواً إبداعيًا، تسقط أحرفه على القرطاس، وتعانق فكرته، وصياغته بياضه، ليأتي متألقًا، مفيدًا بأن الكتابة لا ترتبط بالدراسة الأكاديمية، كعالق تلازمي، بكونها تعتمد على القراءة المتنوعة من جهة، والوعي، والنظرة، التي يبصر بها الكاتب الأشياء، والهمة العالية، وما سواها من الأمور، التي تنضج التجربة الكتابية.
ودعا الكتاب، خصوصًا، الذين لهم خطواتهم الأولى في الكتابة إلى الابتعاد عن المثبطين، والمتذمرين، لأنهم يمثلون حجرة عثرة باتجاه الإبداع، وما على الكاتب إلا أن يقرأ ويستمر في الكتابة ليحقق مراده وأهدافه.
60 ثانية للقراءة
وفي نهاية حديثه، تحدث عن فكرته 60 ثانية للقراءة، المعنية بتخصيص دقيقة واحدة كل يوم، يمارس فيها الإنسان القراءة، وهذه الدقيقة، قد تكون عدة دقائق، أو ساعات، نتيجة مقطع جميل، أو مثير، يجذبه إلى أن يقرأ أكثر، ويتعلق بالكتاب أكثر، واستشهد بقول الإمام علي “ع”: “قليل دائم، خير من كثير منقطع”.
هل تغيرني القراءة؟!
وقال: “إن القراءة من المفترض أن تغير من أفكار الإنسان وقناعاته، وتجددها”، مبينًا بصدق: “نحن بحاجة إلى هزة في أفكارنا وقناعاتنا، فالقراءة، هي الفأس التي تهشم الجليد من الأفكار الخاطئة، والسلوكيات”، مشيرًا إلى أن القراءة، تمنحنا التجديد في أفكارنا، ومراجعتها، وتقنينها، وتدفعنا باتجاه حلحلت ما ورثناه من عاداتنا وتقاليدنا، التي وصلتنا من آبائنا وأجدادنا.
واختتم بقوله: “القراءة ليست حروفًا تقرأ، وإنما فكر، وسلوك، ومنهج، يقود الإنسان إلى تطلعاته، وما ينتظره من خيوط الشمس، التي تدخل حجرته، ليتنفس ربيع الثقافة من شرفتها”.