في دراسة أجنبية عُرِضت أفلامٌ صامتة لمجموعةٍ من الرجال والنساء، وطُلب منهم فكّ شفرة الأفلام والتعرف على الأحداث فيها، فاستطاعت 87% من النساء فكّ شفرة هذهِ الأفلام والتي هي من غير صوت، بينما تمكّن 42% من الرجال من فكّ الأحداث.
وعندما بحثَ العلماء عن سرّ تميّز هؤلاء الرجال عن بقية الرجال، وجدوا أن أغلب أعمالهم هي أعمال نسائية بالأصل كالتجميل والطبخ، وتوصلّت النساء لذلك من خلال لغة الجسد، حيثُ تمتلك المرأة قدرة غريبة على قراءة لغة الجسد، ولديها قراءة تفوق قراءة الرجال أضعافًا، وتتغلب عليهِ في هذا الجانب الذي طرحه المدرب مآب الحايك، في دورة “لغة الجسد”، عبر قناة التلجرام على مدى ثلاثة أيام.
السحر
وصف “الحايك” لغة الجسد بالسحر، وأكد أنّ تعلّمها يفيدُ في التوصل لمعرفة ما يجول في دواخل الآخرين من خلال كلامهم وإيماءاتهم، وهي لغةٌ رائعة يهتمُّ بها كل الناس، وأهم من يهتمّ بها المفاوضون والمدراء وأعضاء الإدارات العليا والبحوث الجنائية والبيع والتجارة، فلغة الجسد رسائلٌ اتصالية مهمة شأنها كالكلام تمامًا مع كونها غير منطوقة.
مكوناتها
أوضح “الحايك” لـ2060 مشاركًا مكونات هذه الرسائل الاتصالية، فالنموذج القديم يتكوّن من رسالة ومرسل ومستقبل، أمّا النموذج الحديث فلهُ مكونات أخرى وهي؛ القناة، والتغذية الراجعة، والبيئة والضجيج، فالقناة هي الطريقة التي نرسلُ بها الرسالة بالصوت أو بالصورة أو بالكتابة أو بالجسد، واختيارنا للقناة المناسبة له دورهُ وأثره في إيصال الرسالة، أما التغذية الراجعة فتكون لفظية مثل؛ أحسنت، جميل، متقدم، والذي بدورهِ يشجع المرسل على المواصلة، وأحيانًا غير لفظية مثل أن يكون الصوت ملتفتًا للمرسل، بينما الضجيج هو المشوّه للرسالة سواء أكان الضجيج داخل أجسامنا كالمرض أو الضيق، أو الضجيج الخارجي كالإزعاج مثلًا.
انعكاس خارجي
وعرّف لغة الجسد بأنها انعكاس خارجي للظروف الانفعالية الداخلية للشخص على وجهه وإيماءات جسده، كظهور علامات الخوف أو الخجل وغيرها، وهو علمٌ يهتم بدراسة دلائل ومعاني الحركات والإشارات والإيماءات التي تصدر عن جسم الإنسان، وكلٌّ منا يقرأ الصور بلغة الجسد بقراءة متفاوتة، ولكنّ بعض لغات الجسد واضحة وبعضها الآخر لا بد من تعلمه.
مهربيان
بيّن “الحايك” مراحل تاريخ لغة الجسد، وهي التي أثّرت في فهم الناس للغة الجسد وأهميته؛ فالمرحلة الأولى بدأت حينما ألف داروين، صاحب نظرية التطور، كتابهُ “التعبير عن المشاعر لدى الإنسان والحيوان”، ووصف فيه إيماءات ومشاعر الإنسان والحيوان، وهو كتابٌ أثرى المكتبة العلمية، وكان موجَّهًا للأكاديميين ولكنهّ ترك أثرهُ الكبير في دراسة لغة الجسد.
وأشار إلى أن المرحلة الثانية تجلّت بظهور ما يسمى الأفلام الصامتة عام 1914م؛ لعدم إتاحة تسجيل الصوت في ذلك الوقت، مثل أفلام شارلي شابلن الذي عبّر عمّا بداخله واستطاع إيصال المعلومة بجسده.
وتابع: “وتلتها المرحلة الثالثة بظهور دراسة العالم الأنثروبولوجي “راي بيردوستل”، الذي أطلق لفظة لغة الجسد على هذا العلم، فذكر أنّ المكون اللفظي للمحادثة أقل من 35 من الرسائل الاتصالية وأكثرهُ 65 غير لفظي، ولكن العلماء شككوا بدراستهِ، إلى أن جاء العالم البرت مهربيان المولود عام 1993م أستاذ علم النفس والإحصاء بجامعة كاليفورنيا، ففصّل في مكون الرسالة، وذكر أنّ الرسائل الاتصالية 7% لفظًا، و38% نبرات صوت، و55% لغة جسد، واعتُمِدت هذه الدراسة لكونهِ متخصصًا في الهندسة والإحصاء، ولذا إذا تعارضت الرسالة المنطوقة مع الرسالة غير المنطوقة فنحن سنميلُ لجانب 55% من لغة الجسد.
قواعد لغة الجسد
وعدّد قواعد لغة الجسد وهي؛ التطابق، والقراءة بقرينة النظر للحالة، والقراءة في مجموعة مكونة من إيماءات، فلكي تحكم على الآخرين لابد من قراءة 3 إيماءات أو أكثر، وأخيرًا مراعاة الثقافة، ولذلك ينبغي الاحتياط كثيرًا، أثناء السفر فالإيماءات تختلف من دولة إلى دولة ولها معانٍ كثيرة، فعلامة ok عند الأمريكان هي علامة النقود عند اليابان، وعند الأتراك إهانة، والفرنسيون يرونها اللاشيء أو بدون قيمة.
النساء يُجدن القراءة
ذكر مآب أنّ النساء هُنّ الأكثر حدسًا في قراءة لغة الجسد، وهُنّ يتفوقن على الرجال لأسباب منها؛ دقة الملاحظة، فالمرأة تفصيلية، بينما الرجل إجمالي على الأغلب، كما أظهر تصوير المخ بالرنين المغناطيسي امتلاك المرأة من 14 إلى 16 منطقة لتقييم سلوك الآخرين، في حين لا يملكُ الرجل سوى من 4 إلى 6، والفرق بينهما شاسع طبعًا.
اقرأ
وأوضح “الحايك” أنه لا بُدّ من تعلّم لغة الجسد لتطوير إيماءاتنا ومتابعة لغة جسدنا والتعرف على إيماءاتنا السلبية والإيجابية، وذكر مثالًا لذلك بالإشارة باستخدام الإصبع فقط فهي إشارة سلبية وينبغي استبدالها بالكف، ومن المهم تخصيص وقت لقراءة لغة الآخرين والاستفادة منها والتعرف على جوانب القوة والضعف في الإشارة ومتابعة مقاطع الفيديو المبهرة بالتمثيل وليس الإنتاج فقط.
وذكر أن هناك أماكن تكون فيها لغة الجسد هي المتحدث الرسمي الذي يصمتُ اللسان بحضرته كالطوارئ والمستشفيات والمطارات.
المساحات والأقاليم
وقال “الحايك” إن لكل شخص مساحة وأقاليم خاصة به، وبينهُ وبين الأشخاص عامة حدودٌ مساحية ولها أثرها وتأثيرها في الجسد، فمريض “الداون” هو شخص ودودٌ بطبعهِ ومع ذلك فعندما تلتقي به قد يصيبك النفور، وذلك بسبب اختراقه لمساحتك مع كونه غريبًا عنك.
وفصّل تقسيمات المساحات الأربع في التعامل وهي؛ المنطقة الحميمية من 15 سم إلى 45 سم الخاصة بالأقارب، والمنطقة الشخصية من 45 سم إلى 122 سم وهي دائرة أكبر وخاصة بالأشخاص في المجال الشخصي كزملاء العمل، والمنطقة الاجتماعية من 122سم إلى 366 سم وهي خاصة بمن تتعامل معهم من الناس كمندوب المبيعات مثلا، وصولًا للمنطقة العامة وهي دائرة أكبر وتبدأ من 163 سم إلى الأبعد من ذلك، وهي منطقة جماهيرية لمن لا تعرفهم وأنت لا تزال في مركز الدائرة.
ابتسم
قسّم “الحايك” الابتسامة إلى الابتسامة الحقيقية التي هي أبطأ وأقصر عمرًا لأنها لا إرادية، والابتسامة المزيفة الأسرع والأطول في العمر، ومنهما تنبثق أنواع الابتسامات كالشفاه المطبقة التي تدل على كتمان الأسرار، والشفاه الملتوية الدالة على الاستهزاء، والفكّ الساقط وهي لإثارة الجلبة والضحك كالمهرجين في السيرك من أجل جذب الآخرين، والابتسامة الودودة وابتسامة الترحيب التي نجدها عند مضيفي الطائرة أو مشرفي الاستقبال لإرسال رسائل إيجابية، وجميع هذه الابتسامات هي ابتسامات حقيقية ما عدا الابتسامة الملتوية.
مناطق الرؤية
وأوضحَ أنه على المرء أن يفرق في استخدام مناطق الرؤية في لغتهِ الجسدية، فنظرة القوة التي هي ما بين العينين في الجبهة لا تستخدم مع الأهل مثلًا؛ لأنها منطقة حامية لمن يشعر بالرهبة والخوف والتردد عند المواجهة.
وأضاف أن عدسة العين هي عضلة لا إرادية تضيقُ في حالات وتتسع في حالات أخرى، فهي تتسع عند الشغف والإثارة والفرح والإضاءة الخافتة، بينما تضيق عند الحزن والإضاءة العالية.
ولفت إلى أنّ كل إيماءة وإشارة من العين والوجه واليدين والذراعين والقدمين لها قراءاتها الخاصة والهامة والدالة على مدلولاتها.
وختم دورتهُ مشددًا على أنّ تعلّم لغة الجسد ليس للحكم على الآخرين ولا اصطياد إشاراتهم وتعقبّها كالمباحث، بل هو وسيلة لتطوير الإيماءات الخاصة بك ومعرفة نواحي قوتك وضعفك.