ونحن هنا بين أحبتنا أهل مصر الكرام، ننعم بكرم الضيافة العربية الأصيلة، لم يكن ليقلقنا سوى الأخبار التي ترد من مجتمعنا إزاء تبعات الجائحة.
وكنا مسرورين جداً بالإجراءات الاحترازية التي قامت وتقوم بها حكومتنا الرشيدة ممثلة بمختلف الوزارات والهيئات التي جندت كامل إمكانياتها ومواردها البشرية والمادية في سبيل الخروج من هذه الأزمة الطارئة التي داهمت جميع المجتمعات البشرية قاطبة، إذ لم تستثن أحداً من تبعاتها المريرة، ومعها قاست المجتمعات والحكومات حول العالم الأمرين، بل تعدى ذلك إلى إعلان كثير من المناطق حول العالم أنها مناطق منكوبة.
حين كان جميعنا يترقب المؤتمر الصحفي بقيادة الدكتور محمد خالد عبد العالي، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة السعودية، كانت أعيننا تحملق نحو الأرقام الجديدة للإصابات على مدار الأربع والعشرين ساعة الماضية، ومعها يتغير المزاج بين التفاؤل والتشاؤم.
ولم يكن الدكتور العبد العالي، وهو المتخصص في عمله، يترك سانحة في لقاءاته سواء الصحفية أو من خلال مؤتمره اليومي إلا ونبه عن الإجراءات المفترض اتباعها لأجل اتقاء شر هذه الجائحة الخطيرة.
إلا أن قسمات العبد العالي بدأت تتغير نحو لغة أشبه بالتوجس والحذر مما سيحدث في المستقبل القريب من جراء مخالفة البعض للتعليمات الصحية إزاء مواجهة الجائحة والتي تمثلت ولا تزال في التزاحم والاختلاط رغم سن القوانين الصارمة وعلى رأسها “منع التجول”، واتباع أنظمة التباعد الاجتماعي.
إن إستراتيجية تسطيح المنحنى، بمعنى وقف الزيادة في الإصابات، لن تنجح لو تجاهل الناس الحاجة إلى الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وسمحوا بانتشار الفيروس.
ولو تجاهل المجتمع القيود، أو سئموا منها قبل الأوان، فإن مزيداً من الأماكن ستصبح تعانى من ازدياد حالات الإصابة كما حدث في مدن عالمية، لم يكن أحد يتوقع أن تصبح يوماً ما تحت رحمة هذا الوباء بل وأسيرة له.
اليوم نحن أمام مسؤولية كبرى وتحديات ضخمة أمام الضمير والتأريخ وأجيالنا القادمة إن لم نقم بواجبنا وتكليفنا، وأختم كلماتي بالأسى الشديد إزاء ما ورد لنا ونحن في الغربة من تزاحم شديد في منافذ التموين المختلفة يوم أمس وقبله، وكان الحياة ستتوقف ويموت الأحياء من مجاعة قادمة في الوقت الذي يكفي الجسد قليل من قطع الخبز والملح.