إن عدم الاقتناع بحدوث أزمة لا يعني عدم توقع حدوثها، فكيف إذن إذا حدثت؟! إن التعدد في مجالات الطب البيطري وتشعبه يفتقر إلى إدارة طبية بيطرية تهتم فيه بالشأن المباشر ومنها ما تعنى بإدارة الأزمات وهي تختلف عن إدارة المخاطر، لكون أن الأزمة هي عبارة عن خطر تحقق بالفعل أو حدوث مشكلة غير متوقعة تودي إلى تعطل سير العمل. وعليه فإن تأخر اتخاذ القرار المناسب قد يفاقم المشكلة وتتدحرج كرة الثلج لتصل إلى مرحلة الكارثة ويصعب التعامل معها لضيق الوقت.
ومن خصائص الأزمة خضوعها إلى الأسلوب المباغت والمفاجأة، ونظرا لنقص المعلومات وقلة الخبرة في التعامل يبدأ التذبذب في طريقة الحل لها، أو يكون عن طريق اجتهاد غير راسخ على أساس مرجعي يؤدي إلى خسائر كبيرة. لذلك تمر الأزمة بمراحل قبل وأثناء وبعد الأزمة.
وهنا يتضح أن من متطلبات قبل الأزمة من أهم المراحل والتي تعتمد على التخطيط وفق خطة زمنية مجدولة محددة، ويترتب عليها الإعداد لقواعد البيانات وتدريب الكوادر على التحليل والتنبؤ، وإخضاع المختصين لتطبيقات تعتمد على علم الاحتمالات والعلم الاستدلالي، مع ضرورة تطبيق المنطق الرياضي في فهم معاني (الاحتمال، والتوقع، والحدس، والتنبؤ، والتقدير، والتخمين، والصواب، والخطأ) وذلك لإيجاد قاعدة بناء البرهان. كما أن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة سهل الكثير نظرا لوجود برامج متطورة في هذا الشأن. إضافة إلى العلاقات العامة مع الجهات ذات العلاقة لوضع سيناريو موحد خاضع للتطبيق أثناء الأزمة.
أما أثناء الأزمة فهي مرحلة التنفيذ لما تم إعداده سابقا لكي يتم السيطرة على الأزمة والمنع من تفاقمها، وذلك من حيث تحليل الأزمة والمبنية على الإشارات وعلامات التحذير التي تنبئ بحدوثها، والتي يجب التعامل بها على أساس الاستنتاج وعرض وتقييم بدائل القرار والسيناريوهات التي سبق إعدادها، وما قد تحتاجه من إضافات أو تعديلات نتيجة اكتشاف متغيرات جديدة لاتخاذ القرار والسيناريو المناسبين لاحتواء الأزمة ومنع تصاعدها ووصولها إلى درجة الحرجة والتفاقم، مع العمل على تقليل الخسائر المتوقعة إلى أقل قدر ممكن مع أهمية متابعة النتائج وردود الأفعال والاستعداد للتعامل مع أي متغيرات تحدث أثناء إدارة الأزمة.
وتعد عملية تقييم ما بعد الأزمة والاستفادة هي (خبرة) حقيقية مبنية على التجربة الواقعية بل أساس متين قابل للتطور والإضافات لتلاشي الأزمات المستقبلية. وهنا يتضح أن إيجاد إدارة متخصصة للطب البيطري سوف ينقلها إلى أسلوب إداري وقيادي متطور بمختلف المجالات، وتكون هي المرجع، وبالتالي يمكننا أن ننافس في إدارة الأزمات البيطرية.
المصدر: صحيفة اليوم