في دقيقتي صمت «حنين» العباس يصرخ بمعاناة زوجة تأخر حملها

اختصر فيلم “حنين” معاناة الزوجات مع عدم الحمل بدقيقتين فقط، في مشاهد صامتة أدت أغلبها الإعلامية جنان عبدالجبار، يسندها الممثل يحيى الشهري في عدد من اللقطات، التي لم تخرج عن حيز التصوير الداخلي، حيث دارت كاميرا المصور حسين الهاني بتوجيهات من المخرج حسين العباس.

ولم يقتصر دور العباس في الفيلم على الإخراج فقط، حيث إن النص من قصة وسيناريو وحوار يعود له، وعن النص ذكر لـ«القطيف اليوم» أنه قرأ من خلاله معاناة الزوجة، التي لم يمن الله -سبحانه وتعالى-، عليها بالذرية، مشيرًا إلى أن القراءة جاءت بلغة فنية في عمل درامي قصير.

واتجه الفيلم في لقطته الأولى، إلى نقل حالة انتظار الزوجة لنتيجة التحليل، إلا أن لحظات الانتظار تصدمها بالنتيجة السلبية، لتأتي بعدها مواجهتها مع زوجها، الذي يحمّلها الذنب في هذا الشأن، كل ذلك في صمت تتحدث خلاله النظرات والمشاعر المرتسمة على وجهي الممثلين، حيث ترك المخرج للمشاهد رسم حواره الخاص وسط تلك المشاهد.

ويتناول العمل في جانب آخر حالة خاصة بالزوجة وسط كومة من الأوراق تخربشها برسومات عبثية، وهي الحالة التي أوضح المخرج أنها تشير إلى انفلات الأعصاب، ولحظة المفاجأة، والآلام الجسدية، والكبت النفسي، والإحساس بالضياع، والمجهول، وما تخبئه الأيام، كل هذا يجعل من الزوجة، تنحني إلى الصمت، أيكون الصمت، الذي يسبق العاصفة، إضافة إلى التفريغ النفسي، للآلام التي تعانيها، عبر رسم مجموعة من الدوائر، وتمزيقها، أو رميها جانبًا، وهذا ما يطلق عليه علماء النفس بالتفريغ النفسي، وما يستخدمونه في العلاج، من جعل المريض يخرج كل ما بداخله، ليرتاح من وطأته.

وبين أنه جعل الزوجة تخرج ما بداخلها من خلال الرسم، وتكراره، ورمي ما ترسمه جانبًا، مشيرًا إلى أنه أراد لها أن تتنفس في وحدتها، لتستطيع مواجهة الموقف الصعب مع زوجها، وإعلامه بعدم الحمل، موضحًا أنه اتجه في ذلك إلى المدرسة التجريدية، لا الواقعية.

وأوضح أن الخربشات، التي جاءت على شكل مجموعة من الدوائر، تأتي حالة تفريغ من جهة، ومن الجهة الأخرى، تشير إلى عمق كبير من التداخل في ذاتها، لأكثر من عنوان ومعنى، كالتأمل، والتفكير، والقلق، والتوتر، والحزن، والفرح، مضيفًا أنها حالات كثيرة، تتداخل مع بعضها البعض، في انتهاء اللقطة، ترمي القلم، وتفوض أمرها لله، أثناء رفع رأسها ناحية السماء.

واختار المخرج، اتخاذ الزاوية الأعلى في لحظة الاشتباك بين الزوجين، كإشارة إلى أن الأسرة تعيش حالة من البؤس والاغتراب، كما أن وجود الزوجة في أعلى السلم، واندفاعها في الكلام يحكي ما بداخلها من الحسرة، وأن لا سبيل لديها إلا الصبر.

وبين العباس أنه تعمد استخدام اللون الأسود والأبيض، بهذه الوضعية البصرية، ليقدم من خلالها رسالة تواجهنا كأسر تعاني من هكذا مشكلة، لأن تحسم المشكلة، من خلال تحلي الزوج بالصبر الجميل والتحمل، أو ترك الزوجة -لوجه الله-، والابتعاد عن أذيتها.

وقال: “اتخذت من الصراع في الحبكة، أن تكون في “كوفي شوب”، وليس المنزل، متخذًا التصور التجريدي، وخلقه في العمل، والابتعاد عن الواقعي”.

وأضاف أن انتهاء الموسيقى، أثناء ركوب الزوج سيارته، وتصوير بيئته العصبية، جاءت بعد قراره بإغلاق الصفحة مع رفيقة دربه، بسبب عدم الحمل، ليضع المخرج عدة تساؤلات ضمنية يقرؤها المشاهد.

وقال: “الخاتمة ترسم وجهًا واحدًا، وهو أن الحياة تتلون وتزدهر بعد تفويض الأمر لله، وما بين حالة البصر باتجاه السماء، وتغير اللون الأسود، بضده الزاهي اللون، حالة ما بين اليأس والأمل، يتذوقها خاصة رواد المدرسة التجريدية”.

رابط الفيلم (هنا).


error: المحتوي محمي