بيّن الفيلم القصير “أثر”، الذي نفذته مجموعة جير آب بمدينة صفوى، أن العنف الأسري يشكل همًا أسريًا ومشكلة تعانيها بعض الأسر، منوهًا بأن الابن الذي يتعرض إلى العنف في أسرته من خلال الضرب أو الألفاظ غير السوية، والعصبية غير المبررة، تجعل الابن يتدرج في حياته أسيرًا لهذه الحالة النفسية التي تؤثر عليه مستقبلاً.
وفي مشهد تصويري، جاءت الحالة النفسية بصريًا تحاكي حالة الألم، الذي يعانيه البطل، وكيف أن هذه المعاناة تجعله شخصًا لا يتعامل مع أسرته؛ ليصبح عنيفًا مع ابنه وزوجته، ومتذمرًا من كل شيء، ناهيك عن حالة الغضب التي تنتابه حين إصغائه لأي كلمات لأحد ما يعبر بها عن راحة الإنسان مع أسرته وحياته السعيدة في كنفها.
طريق نجاة
وفي أولى خطوات العلاج لأي معضلة إشكالية ينبغي أن يؤمن الإنسان فعلاً بأنه يعاني من مشكلة، بعدها تجيء الخطوة ناحية الحل والعلاج؛ وهذا ما أوضحه “أثر”، مؤكدًا أن الطب النفسي، وعرض الإنسان الذي يعاني مشكلات نفسية على أخصائي نفسي، تعتبر أولى خطوات العلاج المهمة ليؤكد على أن هذه الثقافة ينبغي أن تكون متداولة، ولا يتوجس الإنسان خوفًا من عرض مشكلته على المختص، فإنه أعلم بما يعانيه، والذي سيمنحه الخيارات العلاجية، التي تجعله سويًا من الناحية النفسية، وعليه تزدهر حياته رغدًا مع أسرته.
استشارة مختص
وذكر الممثل والمخرج مازن شبر أنهم في إعداد فكرة العمل الدرامي ونضوجها قد توجهوا إلى مركز البيت السعيد في صفوى، وهو أحد المراكز المهتمة بالعلاقات الزوجية، والتربية والإصلاح، ليطلعوا على أهم الأسباب المؤدية إلى التعنيف الأسري، والذي كان أحد أسبابها، الضرب، والمعاملة السيئة في الصغر.
وقال: “قد لا تكون الحادثة الدرامية في الفيلم واقعية بشكل عام، لكن تفاصيلها موجودة -مع الأسف-، في الكثير من الأسر”، منوهًا بأن من أصعب المشاكل، التي نواجهها في مجتمعنا أن الكثير ما زال يعتبر الطب النفسي للمجانين، أو ينتقص من الذين يتوجهون إليه، سعيًا إلى علاج مشكلاتهم.
وأكد أن المجتمع في الحقيقة مليء بالمشاكل، التي من الممكن للطب النفسي علاجها.
مشاركة المرأة
وعن مشاركة الفنانة ولاء الشبر في حيثيات الفعل الدرامي، بكونها أنثى، ألا يمثل في المتلقي شيء من الاستياء؟ أجاب الشبر بقوله: “إن الفنانة ولاء الشبر، قامت بدور الزوجة، ولها مشاركات بسيطة فنية في مجموعة جير آب”.
وأضاف: “إننا لدينا يقين بوعي المجتمع، وتقبله للمرأة، كعنصر أساسي فاعل في بناء المجتمع، خصوصًا أنها بكامل حشمتها، وضمن الحدود الشرعية تجدها في الفيلم”، مشيرًا إلى أنه لابد من الانتقاد لأي عمل، ولكن مع الإصرار، والدعم، يمكنها الوصول إلى حيث تريد.
مستقبل يصطدم بالماضي
من جهته، أفاد حسين آل ناصر، اختصاصي علم نفس إكلينيكي أول، بأنه لا شك أن ماضي الشخص، يؤثر في حاضره، وقال: “ترى النظريات السلوكية أن الطفل يتعلم كل شيء، وكما يتعلم السلوك الجيد، يتعلم غير الجيد أيضًا؛ فالسلوك وفقًا لتلك النظريات مكتسب ومتعلم، ومنه سلوك الضرب، الذي يمكن تفسيره على أنه متعلم ومكتسب، وتلعب المعززات دورًا في ذلك”.
وتابع: “كما ترى نظرية التعلم الاجتماعي أن السلوك يتعلم عن طريق النمذجة، وليس بالضرورة أن الشخص الذي يضرب زوجته أو أبناءه، يكون قد ضُرِب في طفولته”.
بيع الوهم
ونوه بأنه للأسف قد يتطور الاضطراب النفسي نتيجة عدم توجه المريض للعلاج، وطلب المساعدة مما يساهم في تفاقم الأعراض واستمرارها؛ وقال: “بينما نجد المرضى يذهبون لجهات غير مختصة، أو يذهبون لمدعي العلاج، وبيع الأوهام، وذلك قد يعود إما للخوف من الوصمة أو الجهل بالاضطراب”.
وأوضح أنه بالإمكان ألا يتفاقم الاضطراب، لو تمت معالجته في مرحلة مبكرة؛ وذلك باللجوء للمستشفى النفسي، ومقابلة المختصين المعنيين بمقابلة المريض، وتقييمه، ثم تشخيصه وعلاجه؛.
وشدد على أنه ينبغي أن يذهب المريض للعلاج، ويتعامل مع الاضطراب النفسي، كما يتعامل مع بقية الأمراض الأخرى؛ مبينًا أنه تختلف الاضطرابات في أنواعها، وشدتها، مثلما تختلف الأمراض الأخرى.
ووجه بأنه لا ينبغي القلق من الجلسات النفسية أو الأدوية؛ مؤكدًا أنه لذلك سيقوم المعالج بشرح طبيعة الاضطراب النفسي من حيث الأعراض والأسباب وخيارات العلاج.
رابط الفيلم:
https://youtu.be/-EViuE3IJQU