النساء في الرياضيات والعلوم

توفيت قبلَ يومِ أمس، الرابع والعشرين من فبراير ٢٠٢٠م، العالمةُ كاثرين غوبل جونسون. ليس مهماً أن تعرفَ الكثير عنها لكن ما يحسن أن تعرفه أنها كانت عالمةً فذةً في الرياضيات. ولدت وتعلمت وعملت في فترةٍ كان فيها السود الذين جاءت منهم في الولايات المتحدة الأمريكية محرومينَ من كثيرٍ من الفرصِ المتساوية مع العرق الأبيض. كانت والدتها معلمة وكان والدها حطاباً ومزارعاً وحرفيًا يعمل في الفنادق.

تخرجت كاثرين مع مرتبةِ الشرف بشهادات في الرياضيات واللغة الفرنسية في عمرِ الثامنة عشرة وعملت مدرسةً في مدرسةٍ عامة للسود قبل أن تعودَ للدراسات العليا في مادة الرياضيات مرة ثانية. عملت كاثرين التي كان عليها أن تخترقَ حاجزين صلبين؛ الأول أنها كانت سوداءَ البشرة والثاني أنها امرأة طيلة ٣٥ سنة مع وكالة ناسا الأمريكية، وكان لحساباتها في الميكانيكا المدارية دورٌ بارز في نجاحِ أول رحلة فضاء أمريكية وما تلاها من رحلاتٍ مكّنت البشرَ من الارتقاءِ نحو سطح القمر.

أنا أدعو بكلِّ حماس الصبايا أن يكسرن حواجزَ العلوم ويَدرسن العلومَ الرياضية والفيزيائية فمن يدري ماذا يخبئ لهن المستقبل من فرص نجاح؟ إذ لم تعد هذه العلوم مقصورةً ومحجوزةً للرجال الذين فاقت كاثرين، المرأة السوداء، الملايينَ منهم قدرةً وطاقةً وإرادة. ومن ينظر اليوم يرى أعداداً كبيرةً من النساء في الطبابة والهندسة ومختلف نواحي ومتطلبات الحياة.

غيرُ مجدٍ كثيراً الجدل في من هو أذكى، الرجال أم النساء؟ ومن هو أقدر على تحصيلِ أرقى الدرجات في علومِ الرياضيات والفيزياء والكيمياء وما شابه؟ ففي فتراتٍ من التاريخ نبغ في هذه العلوم كثيرٌ من الرجال وكثيرٌ من النساء. ورب امرأةٍ كانت بألفِ رجل كما كانت كاثرين وغيرها من النساء. كما لا يبعد أن يكونَ الدافعُ وراء قلةِ أسماء النوابغ من النساء في هذه العلوم مقارنةً بالرجال هو ناتجٌ ثقافي وحضاري وليس فارقاً تكوينياً صرفاً يمنع المرأةَ من الإبداعِ كما الرجل أو أكثر.

أما الدراسة والعمل، ولمدة طويلة، في فترةٍ لم تكن مطرزةً بالذهب فلم يحرم كاثرين من الزواجِ والإنجاب وتكوين أسرة حيث تركت من خلفها أحفاداً ذكوراً وإناثاً وكانت تحثهم وتحث طلابها أيضاً على دراسةِ التقنياتِ الحديثة والعلوم العامة كما درستها هي من قبل.


error: المحتوي محمي