صنع الخطاطان السيد حيدر العلوي وجابر هروبي؛ فسيفساء خطية تجمع فنون الخط العربي وتعكس تجربتهما، المتولدة بين بلدة القديح، ومحافظة هروب بمنطقة جازان الجنوبية، حيث جمعهما الفن تحت كنف جماعة الخط العربي بالقطيف، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام.
جاء ذلك في معرضهما الثنائي “بين نقطتين” الذي اختتم يوم الإثنين ٢٤ فبراير ٢٠٢٠م، في قاعة عبد الله الشيخ بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام، والذي امتد ستة أيام متتالية، بينا فيه المدلول الغزير للنقاط على الحروف العربية، والتي تعتبر مقياس الخط، ووزن دقة أي عمل خطي، بعرض ٣٣ لوحة خطية لكل منهما.
وشهد المعرض عدة أنشطة خطية تفاعلية قدمها رواد الخط في المنطقة الشرقية وخارجها، استهدفت تبادل الحوارات والخبرات والنقاشات فيما بينهم.
وعلى صعيد المحاضرات، قدم الخطاطان؛ مصطفى العرب، وقاسم حمادة، محاضرة “الخط العربي حضارة وأسرار”، كما استضاف المعرض المهندسة تغريد إبراهيم في الأمسية الفنية “الخط العربي في الهويات والشعارات” (تحدي).
وتعددت الفعاليات بين الورش التفاعلية التي تعرف بالخطوط العربية، من عدة خطاطين، حيث عرف بخط النسخ كل من؛ حيدر العلوي، وهاشم العامري، وحسن آل عبيد، وخط الثلث؛ عبد الله البحراني، وجابر هروبي، وبشير آل جعفر.
وأسندت ورش خط الرقعة إلى حيدر العلوي، وعبد الغفور الممتن، ومحمد هيكل، والخط الديواني؛ حسن الحليلي، وجابر هروبي، ومحسن شويهين.
من جانبه، وظف الخطاط العلوي مهاراته الخطية في كتابة الخط الكوفي المركب، وجعل لوحاته الـ١٥ ضمن كتلة واحدة، إلا أنها تختلف في التصاميم والألوان، وعمل على إظهارها بإمكانيات وجماليات تضمنت ما بين الزوايا القائمة للحروف والكلمات.
تجربة “العلوي”
وأوضح “العلوي” لـ«القطيف اليوم»، أنه أنتج لوحاته المعروضة على فترات متعددة، بين ما هو جديد يعرض لأول مرة، وبين التي شارك بها سابقًا وحصل على جوائز في المنطقة وخارجها.
وتحدث عن تجربته الخطية التي بدأت منذ أيام دراسته، حيث تميز بجمال خطه لدرجة أن أحد المعلمين اتهمه بأن أخته من تكتب له.
واقتنع مع التجربة أن خطه جيد، وعليه تعلم أصوله، فكانت محطته الأخرى بعد نصيحة أخيه هاشم العلوي؛ بأن يتعلم من المسرحي عباس الحايك، إذ كان عنده مهارة الخط والفن التشكيلي، وطلب منه التفريق بين أنواع الخطوط، وعليه أهداه ابن عمه هاشم كراسة الخطوط للخطاط محمد هاشم البغدادي.
وأبحر بأشرعة الحماس والرغبة نحو عالم الخطوط، بالتعرف على رواد الخط في القطيف، وأولهم الخطاط نافع تحيفا، عام ١٤١٦هـ، فكان يذهب له بالدراجة الهوائية لمحله من القديح إلى القطيف ومن ثم العوامية.
وتواصلت علاقته بالخط مع التعرف على حسن آل رضوان (عابد)، وحسين القلاف، ويحيى البشراوي، وعلي السواري، الذين استفاد منهم كثيرًا بشكل مباشر وغير مباشر من المحاكاة والحوارات الجماعية.
وزادت محصلته الخطية مع انضمامه إلى جماعة الخط بالقطيف التابعة لنادي الفنون والجمعية السعودية للثقافة والفنون، حيث فُتحت له الآفاق نحو التعرف على التجارب والمشاركة داخل القطيف وخارجها، بل في الدول المجاورة كذلك، بدخول الدورات والمعارض، مع الاستفادة من الجلسات الأسبوعية الجماعية بين الخطاطين في القطيف والدمام.
المتناظر والمركب
وتنوعت جماليات الخطوط في لوحات الخطاط جابر هروبي، حيث أظهرها في مشاركته في المعرض من خلال ١٨ لوحة تعددت بين خطوط؛ الثلث، والنسخ، والديواني الجلي بأسلوب المتناظر والمركب، والنسق تعليق “خط فارسي”، أقدمها كان قد خطها عام ١٤٣٨هـ، ومنها ما هو حديث العهد بالعرض.
وبرز فيها حسه الفني الذي حمله من جبال جيزان وحل رحاله في بلدة أم الساهك بمحافظة القطيف منذ ٢٠ سنة، بحكم عمله في الدمام، وترجم في لوحاته تفاصيل مهارته الفنية التي أدركها منذ ١٥ سنةً وصقلها بالتعلم الذاتي، والمحاكاة عبر قنوات التواصل الاجتماعي.
ومنح له الدخول في عضوية جماعة خط القطيف، والجمعية السعودية للثقافة والفنون منذ سنتين؛ النظر إلى بُعد أوسع على مستوى التعرف على الخطاطين، أو المشاركة في المعارض، معتبرًا أهل القطيف والمنطقة الشرقية أصحاب فن، يعيشون في العصر الذهبي للخط العربي بكل أبعاده الفنية.
يشار إلى أن المعرض حظي بتدشين مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور ناصر عبد العزيز الشلعان، وخصصت الفترة الصباحية منه للزيارات المدرسية.